توطئة: أقوال المؤرخين والباحثين حول أهمية هذا الكتاب
يقول المؤرخ المعاصر رسول جعفريان في حديثه عن شريعت سنكلجي ضمن ترجمته لأعلام تيار المطالبين بإعادة النظر في عقائد الشيعة في إيران:
«... وينبغي الانتباه إلى أن النزعة العامة التي كانت تُميِّز هذه التيارات [المطالِبة بإعادة النظر في عقائد الشيعة]، أي اعتماد أصحابها الأساسي على القرآن، كانت موجودة لدى شريعت سنكلجي أيضًا، فبالإضافة إلى دروس التفسير التي كان يلقيها بشكل منتظم، فإن كتابه «كليد فهم قرآن» [مفتاح فهم القرآن] يدل على هذه النزعة والميل لديه. إن اعتقاد هذه الجماعة بأن جميع الناس يمكنهم أن يفهموا القرآن، وانتقادهم وحملتهم على الذين يعتبرون أن عوام الناس لا يمكنهم فهم القرآن، جعلهم يُضَيِّقون حدود دائرة المتشابه في القرآن. كان سنكلجي يعتبر أن الآيات المتشابهة هي فقط تلك الآيات التي تتعلق بصفات الله[105]. وسوف نرى أن خرقاني كان يعتقد في هذا المجال أن الحروف المقطعة هي فقط الآيات المتشابهات وبقية القرآن كله من المحكم.
وهم يستندون في هذا الصدد إلى الآيات التي تدعو عامة الناس إلى تدبر القرآن. وكان شريعت يقول: لا توجد في القرآن أي كلمة ولا أي آية لا يمكن للبشر أن يفهموها[106]. كما أنه قال: إن المقصود من بطن القرآن ليس تفسيره وتأويله بل بطن القرآن هو هدف القرآن وغايته[107]»[108].
ويصرح رسول جعفريان بعد ذلك بتأثير هذا الاتجاه القرآني لسنكلجي على أحد أشهر المراجع الثوريين في إيران وهو آية الله السيد محمود طالقاني[109] ويقول:
«..... وهذا يدل على أن اهتمام طالقاني بالقرآن واتجاهه القرآني نابع من مدرسة شريعت سنكلجي وخرقاني، وليس نتيجة تأثره بالسيد جمال الدين [الأفغاني] والشيخ محمد عبده، كما ظنَّ بعضهم»[110].
ويقول الفيلسوف والمؤرخ إحسان طبري في كتابه «ايران در دو سده واپسين» [إيران في القرنين الأخيرين] :
«إن شريعت كان يرمي في كتابه «مفتاح فهم القرآن» إلى تحقيق الهدف والغاية ذاتها التي كان مارتن لوثر، وتوماس مونتسر و[جان] كالفان [زعماء الإصلاح البروتستانتي] يهدفون إلى تحقيقها في المسيحية. لقد أرادوا بنشرهم لترجمة الإنجيل[111] بين عامة الناس أن يعيدوا المسيحية إلى نقائها الأولي[112]، وأن يزيلوا عنها الإضافات والتشويهات التي ألصقت بها....» [113].
[105] شريعت سنكلجي، كليد فهم قرآن [مفتاح فهم القرآن]، ص 80. [106] المصدر نفسه، ص 100. [107] المصدر نفسه، ص 47. [108] رسول جعفريان، جريانها وسازمانهاي مذهبي-سياسي إيران [التيارات والمنظمات الدينية-السياسية في إيران]، ص 1018 - 1019. [109] آية الله السيد محمود طالقاني من مؤسسي الجبهة الوطنية الثانية وحزب نهضة الحرية مع مهدي بازركان، كان من العلماء ذوي الفكر المتحرر الإصلاحي لكنه صرف جل اهتمامه في النضال السياسي ضد حكومة الشاه محمد رضا بهلوي حتى قيل: إنه أمضى في سجون الشاه ما مجموعه أحد عشر عامًا. وقد توفي بعد فترة وجيزة من انتصار الثورة في إيران عام 1979م. له تفسير للقرآن باللغة الفارسية طبع مرات عديدة باسم «پرتوي از قرآن» [أي شعاع أو ضياء من نور القرآن] في 6 مجلدات، وهو غير مكتمل بل يشمل تفسير سور البقرة وآل عمران والنساء، ثم تفسير جزء عم فقط. [110] رسول جعفريان، جريانها وسازمانهاى مذهبي-سياسى إيران [التيارات والمنظمات الدينية-السياسية في إيران]، حاشية الصفحة 1020، وقال فيها أيضًا: انظر: خاطرات پيشگامان (مذكَّرات الرواد)، حاشية الصفحة 87. [111] أي ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغات المحلية كالألمانية والفرنسية، بعد أن كان مكتوبًا باللغة اللاتينية، وكانت قراءته وتفسيره وفهمه محصورًا برجال الكنيسة (الإكليروس) وحدهم، وغير متاحًا لعامة الناس. [112] أي إلى ما كان عليه المسلمون (الصحابة والتابعون) في أيام الإسلام الأولى، خير القرون. [113] إحسان طبري، ايران در دو سده واپسين [إيران في القرنين الأخيرين].