فهرست کتاب

أقسام الديانات

أقسام الديانات

تنقسم البشرية بحسب أديانها إلى قسمين:

قسم لهم كتاب منزل من عند الله كاليهود والنصارى والمسلمين، فاليهود والنصارى بسب عدم عملهم بما ورد في كتبهم، وبسبب اتخاذهم البشر أرباباً من دون الله، وبسبب تطاول العهد.. فُقدت كتبهم التي أنزلها الله على أنبيائهم؛ فكتب لهم الأحبار كتباً زعموا أنها من عند الله، وما هي من عند الله، إنما هي انتحال المبطلين وتحريف الغالين.

أما كتاب المسلمين (القرآن العظيم) فهو آخر الكتب الإلهية عهداً، وأوثقها عقداً، تكفل الله بحفظه؛ ولم يكل ذلك إلى البشر قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ٩ [الحجر: 9]، فهو محفوظ في الصدور والسطور؛ لأنه الكتاب الأخير الذي ضمنه الله الهدى لهذه البشرية، وجعله حجة عليهم إلى قيام الساعة، وكتب له البقاء، وهيأ له في كل زمان من يقيمون حدوده وحروفه، ويعملون بشريعته ويؤمنون به، وسيأتي مزيد تفصيل عن هذا الكتاب العظيم في فقرة قادمة[25].

وقسم ليس لهم كتاب منزل من عند الله، وإن كان لديهم كتاب متوارث منسوب إلى صاحب ديانتهم كالهندوس والمجوس والبوذيين والكنفوشيسيين وكالعرب قبل مبعث محمد ﷺ.

وما من أمة إلا ولها علم وعمل بحسب ما تقوم به مصالح دنياهم، وهذا من الهداية العامة التي جعلها الله لكل إنسان، بل لكل حيوان، كما يهدى الحيوان إلى جلب ما ينفعه من الأكل والشرب، ودفع ما يضره، وقد خلق الله فيه حباً لهذا، وبغضاً لهذا، قال تعالى: ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى ١ ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ٢ وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ٣ [الأعلى: 1-3]، وقال موسى لفرعون: ﴿رَبُّنَا ٱلَّذِيٓ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ٥٠ [طه: 50]، وقال الخليل عليه السلام: ﴿ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهۡدِينِ٧٨ [الشعراء: 78][26]، ومن المعلوم لكل عاقل - له أدنى نظر وتأمل - أن أهل الملل أكمل في العلوم النافعة، والأعمال الصالحة، ممن ليس من أهل الملل، فما من خير يوجد عند غير المسلمين من أهل الملل إلا وعند المسلمين ما هو أكمل منه، وعند أهل الأديان ما لا يوجد عند غيرهم؛ وذلك أن العلوم والأعمال نوعان:

النوع الأول: يحصل بالعقل كعلم الحساب والطب والصناعة، فهذه الأمور عند أهل الملل كما هي عند غيرهم، بل هم فيها أكمل، أما ما لا يعلم بمجرد العقل كالعلوم الإلهية، وعلوم الديانات فهذه مختصة بأهل الأديان، وهذه منها ما يمكن أن يقام عليه أدلة عقلية، والرسل هدوا الخلق وأرشدوهم إلى دلالة العقول عليها فهي عقلية شرعية.

النوع الثاني: ما لا يعلم إلا بخبر الرسل فهذا لا سبيل إلى تحصيله من طريق العقول كالخبر عن الله وأسمائه وصفاته وما في الدار الآخرة من النعيم لمن أطاعه، والعذاب لمن عصاه، وبيان شرعه، وخبر الأنبياء السابقين مع أممهم وغير ذلك[27].

[25] انظر ص: 81-84 و95-97 من هذا الكتاب. [26] سورة الشعراء، الآية 78. وانظر الجواب الصحيح فيمن بدل دين المسيح، جـ4، ص97. [27] انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جـ4، ص210-211.