[أغلب كتب الأدعية باطلة]
أما الأدعية الأخرى المذكورة في كتب الأدعية، فإن مؤلفيها لم يكونوا معصومين عن الخطأ أو أنهم جمعوا كل ما رُوي من أدعية وزيارات دون التحقيق في صحتها بحُجَّة التسامح في أدلة السنن؛ ولم ينتبهوا إلى أن أكثر تلك الروايات إما فاقدة للسند ولفَّقها الشيخ الفلاني أو العالم الفلاني؛ ولو كان لها سند، فرواتها إما مجهولو الحال أو من أهل الغلو أو من أصحاب العقائد الباطلة الذين دسّوا عقائدهم في الأدعية والزيارات ونشروها بين الناس وأخذ الناس يقرؤونها اعتماداً على أن الشيخ الفلاني أو ذلك العالم الفلاني هو الذي ألَّفَها. وهكذا انتشرت العقائد الفاسدة بين الناس. وعلى إثر انتشارها، تعلَّقت نفوس الناس بكثير من البِدع حتى أصبح دفع تلك البِدع أمراً في غاية العُسر، وجاء العلماء اللاحقون فسكتوا عنها، فكان سكوتهم تأييداً ضمنياً لكل تلك الخرافات والبِدع.
إنَّ على العلماء الواعين أن يُفكِّروا في حلٍّ وطريقةٍ لحفظ حقائق القرآن ودفع هذه الأباطيل، وعليهم أن ينهضوا لردِّ هذه الأوهام التي شاعت بين الناس. إن كثيراً من العلماء الأخيار ظنوا أن الأدعية التي كتبها أو دوَّنها زاهد أو عالم في كتاب، لها سند من الشرع. وذلك انطلاقاً من حسن ظنهم بذلك الزاهد أو العالم، في حين أنه من الممكن أن يكون ذلك الزاهد أو العالم قد وضع -استناداً إلى الأمر المُطلق بالدعاء- أدعيةً جميلةً من عند نفسه مُسجَّعةً ومُقفَّاةً، مُظهراً بذلك محبَّته بين يدي الله عزوجل أو محبَّته لأئمة الدين. ثم جاء المُحدِّثون من بعدهم فأسندوا تلك الأدعية إلى الشرع انطلاقاً من حسن ظنهم بالعلماء الذين سبقوهم.