[توضيح حول رجاء إخوة يوسف من أبيهم]
هل يملك الذين يدعون غيرَ الله بأدعيةٍ شركيةٍ دليلاً على عملهم هذا؟ لقد اختلقوا هؤلاء لعملهم أعذاراً وحُججاً أطلقوا عليها اسم الأدلة ليخدعوا بها العوام، فتجدهم يقولون أحياناً: ألم يدعُ أولادُ يعقوب أباهم قائلين:
﴿يَٰٓأَبَانَا ٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَٰطِِٔينَ ٩٧ قَالَ سَوۡفَ أَسۡتَغۡفِرُ لَكُمۡ رَبِّيٓ﴾ [يوسف/97 - 98]؟
ونقول في الردّ على هذا الاستدلال:
أولاً: كان يعقوب÷ حياً ولم يكن ميتاً، وبما أن أبناءه آذوه وخطفوا ابنه يوسف من بين يديه، كان من الواجب عليهم أن يذهبوا ويعتذروا من أبيهم وأن يحثوه على أن يستغفر لهم من الله عزوجل. وهذا واجب كل مسلم عندما يؤذي شخصاً أن يذهب ويطلب منه السماح ويسأله أن يدعو الله له بالغفران. فلا علاقة لهذا الموضوع إذاً بمسألتنا، لأن نداء يعقوب الحي الحاضر هو نداءٌ وطلبٌ مُتعارفٌ عليه ونحن قلنا إن مثل هذا الدعاء لا يُماثل دعاء مدعوٍّ غيبيٍّ، وليت شعري! لو رحل يعقوب÷ عن الدنيا وانتقل إلى دار البقاء هل كان أولاده يستطيعون أن يقولوا له: ﴿يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا.....﴾؟ ولو قالوا له ذلك، هل كان يعقوب سيسمعهم ويجيب لهم؟ بالطبع لا.
فقياس الحاضر على الغائب والحي على المتوَفَّى ليس صحيحاً. إن موضوعنا هو: هل يجوز دعاء الأئمة أو الأنبياء بعد وفاتهم رغم أنهم ليسوا حاضرِين وقد انقطعت صلتهم بالدنيا ورحلوا عنها، ولم يَعُدْ لهم علمٌ بما يجري فيها، وأنهم ساكنون في الجنة البرزخية، وهناك لا خَبَرَ عن همِّ الدنيا وغمِّها؟ فلو دعاهم أحد هل يُجيبوه؟ [بالطبع لا].
ثانيا: قال يعقوب÷ لأولاده [في موضع آخر]: ﴿وَمَآ أُغۡنِي عَنكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٍ﴾ [يوسف/ 67] فكيف تقبلون كلام يعقوب ذاك ولكنكم لا تقبلون كلامه هذا أو تتجاهلونه؟[1]
[1]- للرد التفصيلي على هذه الشبهة، راجع كتاب المؤلف باسم: تضاد مفاتیح الجنان با قرآن= نقد كتاب «مَفَاتيحِ الجِنَان» في ضوء آيات القرآن. [الـمُصحح]