[إن التوسل بالصالحين شرك]
وأحياناً يقولون: نحن ندعو المُقرَّبين من الله كي يكونوا وسيلتنا إليه. وقد قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾ [المائدة/35].
والإجابة عن هذا الكلام ما يلي:
أولاً: ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة، ابْتَغُوا الْوَسِيلَةَ، ولم يقل: ادْعُوا الْوَسِيلَةَ في طلب حوائجكم! فالوسيلة تُبتغى ولا تُدعى، لأن الوسيلة يحتاجها الإنسان ليس فقط في التقرب إلى الله بل في إعداد طعامه وملبسه ومسكنه وفي الكسب والتجارة والزراعة وغيرها. وأما في الدعاء وطلب الحوائج، فإن الأنبياء لم يقولوا: نحن واسطةٌ أو وسيلةٌ بل ذكروا أن دعاء غير الله مستوجب للهلاك وخيبة أمل. كما يقول الإمام السجّاد في دعاء أبي حمزة الثمالي: "الْحَمْدُ لِـلَّهِ الَّذِي أَدْعُوهُ وَلَا أَدْعُو غَيْرَهُ، وَلَوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَخَيَّبَ دُعَائِي".
ثانياً: كانت آيةُ ﴿وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾ خطاباً لرسول الله ص ولسائر المؤمنين، فعلينا أن نرى كيف عمل رسول الله ص وعليٌّ (÷) بهذه الآية؟ أيُّ وسيلةٍ ابتغوا إلى الله؟ يقول رسولالله ص: «إلهي! وَسِيلَتِي إِلَيْك إيماني بكَ».
ويقول عَلِيٌّ÷ في نهج البلاغة، الخطبة 109: "إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللهِ الإيمَانُ بِهِ وبِرَسُولِهِ والْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ....". ويقول في دعاء كميل: "ويتوسَّلُ إليك بربوبيَّتك". ويقول في مناجاة شهر شعبان: "فَقَدْ جَعَلْتُ الْإِقْرَارَ بِالذَّنْبِ إِلَيْكَ وَسِيلَتِي".
ويقول الإمام السجّاد في دعاء أبي حمزة الثمالي:
"إلهي.... وَبِدُعَائِكَ تَوَسُّلِي".
فالوسيلة إذن هي الإيمان والتقوى والدعاء والعبادة وليست أشخاصاً مُقرَّبين.
ثم إن الإيمان والتقوى والعبادة يُمكن أن تُبتغى وتُحصَّل، أما عباد الله المُقرَّبين فلا يُمكن ابتغاؤهم وتحصيلهم، لأنهم رحلوا عن الدنيا ولم يعد بالإمكان الوصول إليهم وابتغاؤهم، والتكليف الإلهي تابع لمقدرة الإنسان واستطاعته. فالعباد المُقرَّبون ليسوا مُطيعين لنا، ولا علم لهم أساساً بأحوالنا كي يأتوا على الفور ويتوسطوا لنا.