[توضيح حول آية: ﴿وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ﴾]
وأحياناً يقولون: بما أن الله تعالى قال عن المُنافقين:
﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا﴾ [النساء/ 64].
فإن هذا يدل على أنه يجب على كل مسلم في كل زمان أن يذهب إلى رسول الله ص في كل أمر يريده من الله.
والجواب عن هذا ما يلي:
أولاً: إن الكلام في الآية المذكورة عن المنافقين الذين آذوا رسول الله ص، وكان واجباً عليهم أن يذهبوا إليه ويعتذروا منه، ولا علاقة لسائر المسلمين بهذا الأمر.
ثانياً: لم يقل الله تعالى: اذهبوا إلى رسول الله ص بل ذكر أن المنافقين لو جاؤوا إلى رسول اللهص. أي أنه كان من الواجب على المنافقين أن يذهبوا إلى رسول الله ص، ولم يقل الله لهم: اذهبوا؛ فما بالك بذهاب الآخرين إليه؟
ثالثاً: كان من الممكن أن يذهبوا إلى رسول الله ص في ذلك الوقت، لأنه ص كان حياً بين أظهرهم، ولكن في الزمن اللاحق لا يُمكن لأحد أن يأتي إلى رسول الله ص لأنه رحل عن عالَم الدنيا وانتقل إلى عالَم البقاء، ولم يعد له أي علم واتصال بعالَم الفناء وما فيه من غصص وأحزان وآلام ومشاكل.
إذن، القياس مع الفارق؛ ذكر أمير المؤمنين في نهج البلاغة على أن اللهَ عزوجل قَبَضَ رَسُولَهُص من بين الناس، ويقول - كما في الكلمة 88 من الكلمات القصار: "كَانَ فِي الأرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللهِ وقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا... إلخ"[2].
[2] ثم قال: «فَدُونَكُمُ الآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، أَمَّا الأمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللهِ ج، وأَمَّا الأمَانُ الْبَاقِي فَالاسْتِغْفَارُ، قَالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ﴾ [الأنفال/33]». [المُصحح]