خيانة السيد المحلاتي في نقل الشواهد
كتب السيد المحلاتي حول موضوع إباحة الخمس، في ص 44 من كُتَيِّبِهِ، مُعَلِّقاً على الحديث الذي يقول: «أَبَحْنَا لِشِيعَتِنَا لِتَطِيْبَ وِلَادَتُهُمْ»: كان المسلمون في زمن الأئمة عليهم السلام يذهبون لمحاربة الكفار وكانوا يأتون بالغنائم ومن جملتها السبايا (الإماء) وكانت تلك السبايا، إما كلها أو خمسها، مُلْكاً للإمام، وكان الشيعة يشترون تلك الإماء فَأَحَلَّ الإمامُ لهم خمس هذه الغنائم كي يكون أولادهم أولاد حلال!
وأقول: على السيد المحلاتي أن يعلم أن الخائن ليس مؤلف كتاب الخمس بل الخائن هو الذي يقتبس من كتابٍ حجمه أكثر من 230 صفحة عدة جمل مبتورة ويريد أن يصطاد بها مريديه. نعم! لقد ارتكب المحلاتي مثل هذه الخيانة بالنسبة إلى ما ورد في ذلك الكتاب لأنه لم يأتِ بما ذكره صاحب كتاب الخُمْس تماماً كما ذكره بل أتى بِـجُمَلٍ ناقصةٍ ثم هجم على المؤلف هجومًا عنيفًا وكأنه يرقص على أجساد الموتى، ثم ذهب وحده إلى القاضي [ليحكم على خصمه حسب دعواه]!
لو لم تكن خائنًا أيها السيد المحلاتي وكنت تعتقد حقاً أن محتويات كتاب الخُمْس غير صحيحة وأنك أهلً للردّ المُفْحِم عليه، لكان الأجدر بك أن تنقل من كتاب الخُمْس الذي يتجاوز عدد صفحاته عن 230 صفحة، صفحةً واحدةً أو أكثر بأمانة ودون أية خيانة، ثم تقوم بالردّ عليه إن وجدتَّه غير صحيح أو تترك لقرائك ومريديك الحُكْم فيه، ثم تحتمل حضرتك أن يوجد بين قُرَّاء كُتَيِّبِك أشخاصٌ لهم من العلم نصيب بقدر ما لك أو أكثر، على نحو يستطيعون به أن يُمَيِّزوا الصحيح من السقيم، لا أن تقتبس من كتاب كبير بِضْعَ جُمَلٍ ناقصة وتقول إنَّكَ تصفّحتَ الكتابَ حتى صفحة 164 وتتجاهل أكثر من 60 صفحة باقية منه، مع أنّ جواب كل ما قمت به من كَرٍّ وَفَرٍّ موجود في تلك الصفحات الستين الأخيرة من الكتاب، لأن كل كتاب أو مقال إنما تأتي نتائجه في آخره.
نعم، لو لم تكن خائنًا لكان من الجدير بك أن ترجع بشأن ما ادَّعيتَه من أن الإمام أحل لشيعته السبايا (الإماء) اللواتي أُخِذن كغنائم حرب وأن ما عدا ذلك لم يُحَلّ للشيعة، أن ترجع إلى الصفحات (من 260 وحتى 271) من كتاب الخُمْس كي ترَى بنفسك أن الإشكال الذي ذكرته، فقد ذكره صاحب كتاب الخُمْس بأوضح بيان ثم أجاب عنه بأفضل حجة ودليل. ولكنك لما أُصبْتَ بالصدمة من مشاهدتك لكتاب الخُمْس ولم تطق قراءته حتى آخره أو قرأته ولكن لم يكن من مصلحتك الرد عليه. على كل حال، فإننا نُحِيلُكَ إلى تلك الصفحات من ذلك الكتاب. ففي الصفحة 260 نقل صاحب كتاب الخمس الحديثَ الأولَ في تحليل الخمس للشيعة من كتاب «التهذيب» للشيخ الطوسي، وقال فيه أمير المؤمنين علي ÷: "هَلَكَ النَّاسُ فِي بُطُونِهِمْ وفُرُوجِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا إِلَيْنَا حَقَّنَا، أَلَا وإِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ وآبَاءَهُمْ فِي حِلٍّ".
ومن الواضح أن عبارة «فِيبُطُونِهِمْ» لا تتعلق بسبايا غنائم دار الحرب. بل كل ما أُكِل من حقوق إذا كان الآكل من الشيعة فهو في حل مما أكله!
وفي نفس الصفحه ذُكِرَ الحديث الثاني الذي يتضمَّن نفس المعنى.
وفي الصفحة 261 ذُكِرَ فيها الحديث السابع الذي قال الإمام ÷ فيه: "هِيَ وَاللهِ الْإِفَادَةُ يَوْماً بِيَوْمٍ إِلَّا أَنَّ أَبِي جَعَلَ شِيعَتَهُ فِي حِلٍّ لِيَزْكُوا". إذن، الإمام قد أحل لشيعته الفوائد اليومية أي التي يكسبها الإنسان كل يوم أياً كان نوعها ولا علاقة لهذا - كما هو واضح - بسبايا دار الحرب.
وفي الصفحة 263 ذُكِر الحديث الخامس عشر الذي ورد في كتابَي التهذيب والاستبصار [للشيخ الطوسي] وكتاب «من لا يحضره الفقيه» [للشيخ الصدوق] والذي يقول: "عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ القَمَّاطِينَ فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ تَقَعُ فِي أَيْدِينَا الأَرْبَاحُ والْأَمْوَالُ وتِجَارَاتٌ ...."، إذن، كل ما كان من الأموال والأرباح والتجارات أُبيح للشيعة فلا تقتصر الإباحة على السبايا (الإماء).
ونقرأ في الصفحة 264 أيضاً من كتاب «التهذيب»: "عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لَنَا أَمْوَالًا مِنْ غَلَّاتٍ وتِجَارَاتٍ ونَحْوِ ذَلِكَ وقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ لَكَ فِيهَا حَقّاً قَالَ: فَلِمَ أَحْلَلْنَا إِذاً لِشِيعَتِنَا؟!". فهذا يبيّن أن الذي أُحلّ هو الأموال والغلات والتجارات وأمثالها ولا ينحصر بسبايا الغنائم الحربية.
وفي الصفحة ذاتها الحديث 18 الذي قال حضرة الصادق ÷ فيه: "إِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا قَامَ صَاحِبُ الخُمُسِ فَقَالَ: يَا رَبِّ! خُمُسِي، وإِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ فِي حِلٍّ". إذن، أُحِلّ للشيعة كلُّ ما يشمله الخمس ولا نجد في الحديث أي كلام عن سبايا الحرب.
وفي الصفحة 265 من كتاب الخمس نقرأ الحديث 20 الذي قال الإمام فيه: "الأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا، فَمَا أَخْرَجَ اللهُ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لَنَا. قَالَ قُلْتُ لَهُ: أَنَا أَحْمِلُ إِلَيْكَ المَالَ كُلَّهُ. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا سَيَّارٍ! قَدْ طَيَّبْنَاهُ لَكَ وحَلَّلْنَاكَ مِنْهُ فَضُمَّ إِلَيْكَ مَالَكَ وكُلُّ مَا كَانَ فِي أَيْدِي شِيعَتِنَا مِنَ الأَرْضِ فَهُمْ فِيهِ مُحَلَّلُونَ ومُحَلَّلٌ لَهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَقُومَ قَائِمُنَا...". إذن، فكل ما هو فوق الأرض وكل ما يخرج من الأرض وحتى قيام القائم حلال للشيعة ولا خمس فيه ولا ينحصر الأمر بسبايا الحرب.
وأخيراً ما أورده صاحب كتاب الخمس في الصفحة 268 عن الإمام التاسع والإمام الثاني عشر يصرِّح بحلية الخمس للشيعة وأنه ليس واجباً عليهم، وخاصة توقيع الإمام الثاني عشر، فإنه يصرح بقوله: "وأَمَّا الخُمُسُ، فَقَدْ أُبِيحَ لِشِيعَتِنَا وجُعِلُوا مِنْهُ فِي حِلٍّ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ أَمْرُنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ ولَا تَخْبُثَ". فالتحليل عام ولا ينحصر بالإماء المشتريات من غنائم الحرب.
والآن قد تبين لنا أن ما أحله الإمام إن كان خمس أرباح المكاسب بشكل عام، فقد حلله الإمام للشيعة، لأن صريح الأحاديث يثبت أن مثل هذا الخمس كان خاصاً بالإمام؛ وإذا كان ذلك خمس غنائم الحرب فقد أُحِلّ للشيعة أيضًا بالنص الصريح لهذه الأحاديث، وأن الإمام -في النهاية- قد وَهَب للشيعة كل حق، فلا مجال بعد ذلك للتخبط والتشبث ولا يُثْبِتُ كل ما ذكره المحلاتي شيئاً مما يدعيه، فالذين يأخذون مثل هذا الخمس من الناس قد ظلموا الشيعة على أقل تقدير، لأنه حقٌّ وهبه صاحبه للناس، فجاء آخرون وأخذوه من الناس بغير حق!!
إن على إخوتنا في الدين أن يعلموا أن كتاب الخُمْس الذي أُلِّف حديثاً قد بَحَثَ مسألة الخُمْس بشكل مفصَّل وأثبتَ بالأدلة الدينية الشرعية، أي بآيات القرآن وسنة الرسولص والأحاديث المعتبرة والعقل، أن أنبياء الله لم يطلبوا أجراً من أممهم وأنّ رسول الله ص وأمير المؤمنين علي ÷ لم يأخذوا من أحد من الكاسبين والتجار شيئاً باسم الخمس وسهم الإمام، والذي جاء في القرآن بشأن الخمس هو آية واحدة تتعلق بخمس غنائم الحرب وهي تندرج تحت عنوان زكاة الغنائم ولا تختص بالسادات [أي الهاشميين] من آل محمد أو بالإمام. إنه كتاب مستَدَلٌّ وَمُسْتَنِدٌ إلى دلائل قوية وعلى كل إنسان أن يقرأه كي يقف على أهميته وأن يقرأه بتجرد وإنصاف لا بروح البغض والعداوة والتعصب.
إن الأمر المسلَّم به أن السيد المحلاتي قد خان قُرَّاءَه في كُتَيِّبِهِ، فإما أنه لم يفهم كتاب الخُمْس أو لم يوضّح مضمونه كما ينبغي لمريديه. هذا على الرغم من أنه من الممكن أن يكون هذا العمل بذاته سبباً لأن يسعى قراؤه إلى الحصول على كتاب الخمس وعندئذ سوف يدركون حقيقة الأمر وسوف ينقطع رزق الذين يخافون من نشره.
وهنا من المفيد أن نذكر خلاصة كتاب الخُمْس بصورة رؤوس أقلام في بضعة أسطر ونضعها أمام أنظار السيد المحلاتي ومريديه، فإن كان لديهم جواب عمّا فيه فليتفضلوا به، وإلا فليلزموا الصمت لأن المسلم أُمِر أن يقول خيراً أو أن ليصمت، وحتى يكون قراء كُتَيِّبِ المحلاتي على بينة من الحقيقة في هذا الأمر.