عطر المجالس: دروس قصيرة فيما لا ينبغي للمسلم جهله

الأخلاق في الإسلام (1)

الأخلاق في الإسلام (1)

حديثنا اليوم عن الأخلاق في الإسلام:

وقد حثّنا رسول الله  ج على التخلّق بالأخلاق الحسنة والآداب الحميدة، فقال  ج: «إنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا» [رواه الترمذي وصححه الألباني].

ومن الأخلاق الحسنة التي دعا إليها الإسلام:

- بر الوالدين، والإحسان إلى الزوجة والأولاد بنين وبنات، وصلة الرحِم والأقارب، كما قال الله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء: 23]، وقال النبي  ج: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي» [رواه ابن ماجه وصححه الألباني]. وقال  ج: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»[42] [متفق عليه].

- ومن الأخلاق التي حث عليها الإسلام: حسن الحديث والكلمة الطيبة، والصدق، والبشاشة والابتسامة، والتواضع للمؤمنين، كما قال الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119]، وقال  ج: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» [متفق عليه]، وقال  ج: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» [رواه الترمذي وصححه الألباني]، وقال  ج: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِله إِلَّا رَفَعَهُ الله» [رواه مسلم].

- وقد جاء الأمر والحثّ على حفظ اللسان: قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18]، وقال رسول الله  ج: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» [متفق عليه]، وحفظ اللسان يكون بعدم التلفظ بالألفاظ السيئة، واجتناب اللعن والشتائم، والحذر من الغيبة (وهي: ذِكْر المسلم أخاه في غَيْبته بما يكره)، قال تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا [الحجرات: 12]، وقال  ج: «ليسَ المؤمِنُ بالطَّعَانِ، ولَا اللَّعَانِ، ولَا الفَاحِشِ، ولَا البَذِيءِ» [رواه الترمذي وصححه الألباني]، وحذر  ج من الكِبْر فقال: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» [رواه مسلم].

- كما حث الإسلام على حسن التعامل مع الخدم وعدم تكليفهم فوق طاقتهم وإعطاؤهم حقّهم فور اكتمال أعمالهم، كما قال  ج: «إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ -أي: خدمُكم- جَعَلَهُمُ الله تحْتَ أيْدِيكُمْ. فَمَنْ كَانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مما يأكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِما يَلْبَسُ. ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ» [متفق عليه]، وقال  ج: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» [43] [رواه ابن ماجه وصححه الألباني].

ويجمع قاعدة الأخلاق قوله  ج: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» [متفق عليه].

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنّا سيئها لا يصرف عنّا سيئها إلا أنت، نكتفي بهذا القدر، ونكمل الحديث بمشيئة الله في اللقاء القادم.

[42]معنى الحديث: أن الله سبحانه وتعالى وعد من يصل رحمه أن يثيبه وأن يجزيه بأن يطيل في عمره، وأن يوسع له في رزقه جزاءً له على إحسانه.

[43]قبل أن يجف عرقه: كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل إذا طلب - وإن لم يعرق أو عرق وجف -، والمراد منه المبالغة في إسراع الإعطاء وترك المماطلة والتأخير.