عطر المجالس: دروس قصيرة فيما لا ينبغي للمسلم جهله

المسح على الخُفّين والجوربين ونحوهما

المسح على الخُفّين والجوربين ونحوهما

نواصل ما ابتدأناه في الحديث عن أحكام الطهارة، وحديثنا اليوم عن: المسح على الخُفّين والجوربين ونحوهما[14].

وهو رخصة من الله تعالى لعباده، وهو من مظاهر التيسير في هذه الشريعة السمحة.

- ويُشترط لجواز المسح على الخُفين أربعة شروط:

1- أن يكون الخُفّ طاهرًا، فلا يَصح المسح على الخفّ المتلوث بنجاسة، أو المصنوع من جلد نجس.

2- أن يلبسهما على طهارة وُضُوء.

3- أن يكون المسح في الحدث الأصغر، أما إذا كان الحدث أكبر؛ فيجب أن يَخلعهما ويغتسل.

4-أن يكون المسح في المدة المحددة شرعًا، وهي: يومٌ وليلة للمقيم (أي: 24 ساعة)، وثلاثة أيامٍ بلياليهن للمسافر (أي: 72 ساعة)، ويبدأ حساب مُدة المسح: من أول مسح بعد انتقاض الطهارة.

- وصِفة المسح على الخفين:

أن يمسح ظاهر الخُف، بأن يضع أصابع يديه مبلولتين على أصابع رجليه، ثم يمررها إلى ساقه، ولا يكرر المسح.

نسأل الله الفقه في الدين واتباع سنة سيد المرسلين  ج، نكتفي بهذا القدر، ونتحدث في اللقاء القادم - بمشيئة الله - عن نواقض الوضوء.

[14]الخفّ: هو ما يلبسه الإنسان في قدميه ويكون مصنوعًا من جِلد ، أما الجورب: فهو ما يلبسه الإنسان في قدميه من الصوف أو القطن أو الكتان أو القماش أو نحو ذلك، وهو ما يُعرف (بالشرّاب).

نواقض الوضوء

حديثنا اليوم عن نواقض الوضوء، وما الذي يترتب على من انتقض وضوؤه:

- ونواقض الوضوء هي:

1. الخارج من السبيلين: (وهما مخرجا البول والغائط)، فكلها تنقض الوضوء.

2. زوال العقل أو تغطيته بالجنون أو الإغماء أو السُّكْر[15] أو النوم؛ لأن ذلك مَظِنّة خروج الحَدَث، أما النوم القليل غير المُستغرِق فلا ينقض الوضوء [وهو الذي يشعر فيه الإنسان بالحَدَث لو أحدث، كخروج الريح].

3. أكل لحم الإبل.

4. واختلف أهل العلم في: مسّ الفَرْج[16]، والأحوط الوضوء منه.

- ويحرم على من انتقض وضوؤه بأحد نواقض الوضوء: أن يُصلّي، أو يَمسَّ المصحف إلا بعد أن يتوضأ.

- ومن توضَّأ ثمَّ شكَّ هل أحدَثَ أم لا؛ فإنَّه لا يلزَمُه الوضوءُ؛ لأن اليقين (وهو الوضوء) لا يزول بالشك.

- وكذلك من أحدثَ ثمَّ شكَّ هل توضَّأَ أو لا؛ فإنه يلزَمُه الوضوءُ، لأن اليقين (وهو الحدَث) لا يزول بالشك.

وفقنا الله للعلم النافع والعمل الصالح، نكتفي بهذا القدر، ونتحدث في اللقاء القادم - بمشيئة الله- عن موجبات الغُسل.

[15]ومعلومٌ أن شُربَ الخمر والمُسكِرات من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النساء: 103].

[16]مس الذّكر، أو حلقة الدُّبر، وكذلك المرأة إذا مسّت فرجها، وكذلك مسُّ فرج الغير كبيراً أو صغيراً.

موجبات الغُسل

تحدثنا فيما سبق عن أحكام الطهارة من الحدث الأصغر، وحديثنا اليوم عن:

- موجِبات الغُسل، وهي:

1. خروج المنيّ دفقاً بلذّة في اليقظة، وكذلك إذا احتلم فأنزل المنيّ.

2. إيلاج الذَّكر في الفرج، ولو لم يحصل إنزالٌ للمني، لما ورد عن النبي  ج أنه قال: «إذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، ثُمَّ مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» [رواه مسلم]. والمقصود بقوله: «مسَّ الختانُ الختانَ»: الإيلاج.

3. انقطاع دم الحيض أو النفاس.

- ومن عليه حدثٌ أكبر: يَمتنِعُ مما يُمنعُ منه المُحدثُ حدثاً أصغر (الصلاة، مسّ المصحف) ويزيدُ عليه: أنه لا يحلّ له قراءة القرآن -إلا الحائض والنُّفَساء فيجوز لهما قراءة القرآن من دون مس المصحف-، ولا يجوز للمُحدِث حدثًا أكبر أن يجلس في المسجد[17].

كما أنه لا يحلُّ وَطءُ الحائضِ والنُّفَساء، ولا طلاقها، ويحرم عليهما الصوم والصلاة، وعليهما قضاء الصوم ولا تقضيان الصلاة.

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، نكتفي بهذا القدر، ونتحدث في اللقاء القادم - بمشيئة الله - عن صفة الغُسل الصحيحة.

[17]إذا توضأ الجُنب جاز له الجلوس في المسجد، أما الحائض والنفساء فلا يجوز لهما، ويجوز للجميع المرور بالمسجد.

صفة الغُسل من الجنابة

حديثنا اليوم عن صفة الغُسل من الجنابة كما وردت عن النبي  ج، وهي كالتالي:

1. ينوي الغُسل بقلبه.

2. ثم يُسمّي، ويغسل يديه ثلاثاً، ثم يغسل فرجه.

3. ثم يتوضأُ وضوءًا كاملًا.

4. ثم يحثو الماء على رأسه ثلاثًا، يُروِّي منابت شعره[18].

5. ثم يُفيض الماء على جسده على شقّه الأيمن ثم الأيسر، ويُعمم جسده بالماء ويُروِّي منابت الشَّعر في جسده، ويُستحبّ إمرار يده على جسده؛ ليتيقَّن وصول الماء إلى جميع البَدَنِ.

وهذه هي صفة الغُسل الكامل الواردة عن النبي  ج، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ج إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ وَقَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ الله ج مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا».

- أما صفة الغُسل المجزئ فتكون بأمرين:

1- أن ينوي الغُسل بقلبه.

2- ثم يُعمم جميع البدن بالماء مع المضمضة والاستنشاق، ويُروّي منابت الشَّعر في جسده.

نسأل الله أن يطهر قلوبنا وأجسادنا وينقيها من شوائبها، نكتفي بهذا القدر ونتحدث - بمشيئة الله – في اللقاء القادم عن أحكام التيمم.

[18]ولا يجب على المرأة نقض ضفائرها عند الغسل.

التيمم

حديثنا اليوم عن التيمم:

- وهو رخصة من الله تعالى لعباده، وهو من مظاهر التيسير في هذه الشريعة السمحة.

والتيمم: بَدَلُ طهارة الماء (الوُضوء والغُسل)، وذلك حينما يكون الماء معدومًا[19] أو في حُكم المعدوم؛ كمن لا يستطيع استخدامه لمرض، أو كان قليلًا يحتاجه لشُربِه، أو خاف باستخدامه وقوع الضرر؛ كما لو كان الماء باردًا ولو استخدمه لأضَرَّ بصِحَّته، ولا يوجد لديه ما يسخِّنه به.

- ويجوز التيمم بكل ما صعِد على وجه الأرض من أجزائها، من تراب وطين وحجر ورمل وفخار؛ لقوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء: 43]، والصعيد: كل ما صعِد على وجه الأرض. والطيب: الطاهر، ويمكن للمسلم أن يجعل في الإناء ترابًا أو رملًا ويتيمم منه.

- وصفة التيمم:

أن يقول: بسم الله، ناوياً التيمم، ثم يضرب بكفَّيْه وجه الأرض ضربة واحدة، ثم يمسح وجهه بكفَّيْه، ثم يمسح كفَّيْه، ثم يقول بعد التيمم ما يُقال بعد الوضوء من الأذكار.

• وتجب الموالاة في التيمم بألّا يمرّ بين مسح الوجه ومسح الكفين وقت طويل.

- ومن أحكام التيمم:

• أنه يبطل بما تَبطُل به طهارة الماء، وهي نواقض الوضوء وموجبات الغُسل.

• كما أنَّ المُتيمِّمَ للجَنابة أو للحَدَث، يعودُ جُنُباً أو مُحدِثاً إذا زالَ العُذر الذي من أجله أُبيح له التيمم، وليس عليه إعادة ما صلّى.

• ومن وجد ماءً يكفي لبعض أعضائه، تطهّر به، ثم تيمّم عن الباقي.

نفعنا الله بما سمعنا وألهمنا رشدنا، نكتفي بهذا القدر، ونتحدث بمشيئة الله في اللقاء القادم عن أحكام تتعلق بالدماء الطبيعية التي تَعرِض للمرأة.

[19]ويجب عليه أن يطلبَ الماء فيبحث فيما قرُب منه، فإن لم يجد أو تيقّن عدم وجوده فيتيمم.

طهارة المرأة

حديثنا اليوم عن أحكام تخصّ طهارة المرأة[20]، وقبل الشروع في ذلك نُذكّر: بأنه يجب على المرأة المسلمة أن تتعلم الأحكام التي تخصّها، وعلينا جميعا أن نُعنى بتعليم أهلنا وأقاربنا وتوجيههم لما ينفعهم من أمر دينهم ودنياهم، في عقيدتهم وطهارتهم وصلاتهم وأخلاقهم وغير ذلك.

ومن الأحكام التي تخص المرأة أحكام الحيض والنفاس:

- فالحيض: دم طبيعة وَجِبِلَّة، يخرج من رحم المرأة البالغة في أوقات معلومة.

- ولا حدَّ لبدء خروج دم الحيض ولا لنهايته، ولا حدَّ لأقلّ مدته ولا لأكثرها، بل متى وُجد بصفاته المعلومة فهو حيض[21].

- أما النفاس: فهو دمٌ يخرج من المرأة عند الولادة أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطَّلْق، ولا حدّ لأقل النفاس، وأكثره أربعون يوماً.

- والحائض والنُّفساء: يَحرُم عليهما الصلاة والصوم ويجب عليهما قضاء الصوم دون الصلاة، ويحرم وَطأهما وطلاقهما، كما يَحْرُم عليهما الجلوس في المسجد، ويحرم عليهما ما يحرم على المُحدِث حدثًا أصغر. ويلزَمُهما الغُسلُ إذا طَهُرتا.

• وإذا حاضت المرأة أو نَفِسَت في وقتِ الصَّلاة قبل أن تُصلِّي، فإنَّه لا يجِبُ عليها قضاؤها، إلَّا إذا أخَّرتها حتَّى ضاق الوقتُ عن فِعلها، فعليها القضاءُ.

• وإذا طهُرَت الحائِضُ أو النُّفَساء قبل خروجِ وَقتِ صلاةٍ، وجب عليها تأدية تلك الصلاة.

- ومما يَعرِضُ لبعض النساء خروج دم الاستحاضة: وهو دم يخرج من أدنى الرَّحِم في غير أوقاته المُعتادة [22].

- وأحكام الاستحاضة كأحكام الطُّهر إلا أنه يجب عليها:

1. أن تتوضأ لكل صلاة لقول النبي  ج: «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلِّي» [رواه البخاري] أي: لا تتوضأ للصلاة المؤقتة إلا بعد دخول وقتها[23]، أما الصلاة الغير مؤقتة فتتوضأ لها عند إرادة فعلها.

2. وإذا أرادت الوضوء تغسل أثر الدم، وتعصب على فرجها خرقة على قطن ليستمسك الدم.

رزقنا الله الطهارة في المظهر والجوهر، نكتفي بهذا القدر ونتحدث في اللقاء القادم - بمشيئة الله - عن شروط الصلاة.

[20]للاستزادة يمكن الرجوع إلى (رسالة في الدماء الطبيعية للنساء) للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.

[21]صِفةُ دمِ الحَيضِ: ثخينٌ ليس بالرَّقيق، مُنتِنٌ كريهُ الرَّائحةِ، غيرُ متجمِّدٍ.

[22]صفة دم الاستحاضة: رقيقٌ وليس بثخينٍ، غيرُ مُنتِن، ويتجمَّدُ إذا ظهَر.

[23]ويجوز للمُستحاضة أن تجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء؛ لمشقة الوضوء عليها لكلّ صلاة.

شروط الصلاة (1)

حديثنا فيما سيأتي عن أحكام الصلاة، فللصلاة شروطٌ يجب توفرها قبل وأثناء الصلاة، ولها أركانٌ يجب الإتيان بها وتبطل الصلاة إذا لم يأتِ بها، ولها واجبات يجب القيام بها.

- فشروط صحة الصلاة: الإسلام، والعقل، والتمييز، فلا تصح الصلاة من كافر، ولا مِمَّن لا عقل معه أو من غَطَّى عقله بمُسكر وغيره، ولا مِمَّن هو دون سن التمييز وهو سن السابعة.

- ومن شروطها: دخول الوقت للصلوات المفروضات، لقول الله تعالى ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء: 103].

- وأوقات الصلوات كالتالي:

وقت الظهر: يبدأ بزوال الشمس، أي: ميلها جهة المغرب بعد توسّطها في السماء، ويُعرف ذلك بحدوث الظل في جانب المشرق بعد انعدامه من جانب المغرب، وينتهي وقت الظهر إذا صار ظل الشيء مثل طوله (غيرَ الظلِّ الذي يكونُ عندَ الزوالِ[24]).

ووقت العصر: يبدأ من نهاية وقت الظهر، إلى اصفرار الشمس، ويمتد وقت الضرورة إلى غروب الشمس[25].

ووقت المغرب: يبدأ بغروب الشمس، أي: بغروب قُرصها جميعه، ويمتد إلى مغيب الشفق الأحمر.

ووقت العشاء: يبدأ بانتهاء وقت المغرب (غياب الشفق الأحمر)، إلى منتصف الليل، ووقت الضرورة إلى طلوع الفجر.

ووقت الفجر: يبدأ من طلوع الفجر الثاني، وينتهي بطلوع الشمس. والفجر الثاني (ويسمى الفجر الصادق): هو البياض المُعترض في الأُفُق من جهة المشرق ويمتد من الشَّمال إلى الجنوب [26].

وقد جاءت أوقات الصلوات مفصلة في حديث عبد الله بن عمرو  س أن رسول الله  ج قال: «وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ، مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ، مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ» [رواه مسلم].

- ويُستحب تقديم الصلاة أوّل وقتها إلا العشاء فيُستحب تأخيرها إذا لم يشُق ذلك على الناس، والظُّهر يُستحب تأخيرها في شدّة الحَرّ حتى يخفّ الحَرّ.

- ومن فاتته الصلاة؛ وجب قضاؤها فورًا مُرتّبة، فإن نسي الترتيب أو جهل وجوب الترتيب فلا شيء عليه، أو خاف خروج وقت الصلاة الحاضرة؛ سقط الترتيب بينها وبين الفائتة.

جعلنا الله وذرياتنا من مقيمي الصلاة في أوقاتها على أكمل وجه، نكتفي بهذا القدر ونكمل الحديث في اللقاء القادم -بمشيئة الله- عن بقية شروط الصلاة.

[24]ذلك أن الشمس إذا طلعت ظهر لكل شاخص ظل من جهة المغرب فكلما ارتفعت نقص، فإذا وصلت وسط السماء ـ وهي حالة الاستواء ـ كمل نقصانه وبقيت منه بقية -هي ظلّ الزوال- وهي تختلف بحسب الأشهر.

[25]ولا يجوز تأخير العصر إلى ما بعد اصفرار الشمس، إلا إذا اضطُر لتأخيرها فلا حرج عليه على أن يصليها قبل غروب الشمس. وكذلك يقال في صلاة العشاء فلا يجوز تأخيرها بعد منتصف الليل إلا لضرورة على أن يصليها قبل طلوع الفجر.

[26]أما الفجر الأول (الكاذب): فهو ممتدٌّ من المشرق إلى المغرب، ويكون مدة قصيرة ثم يُظلم، بخلاف الفجر الثاني فيزدادُ نوراً.

شروط الصلاة (2)

تحدثنا في اللقاء الماضي عن شروط الصلاة، وذكرنا منها: الإسلامَ والعقلَ والتمييزَ ودخولَ الوقت، ومن شروط صحة الصلاة:

- ستر العورة: بملابس لا تصف البشرة. وعورة الرجل: من السُّرة إلى الركبة، وأما المرأة: فجميع بدنها عورة في الصلاة إلا وجهها وكفّيها، والأحوط أن تستر كفيها، أما إن كانت عند رجالٍ غير محارمها فتستُر كل جسدها.

ومما يحسن التنبيه إليه: أن بعض الناس يلبس ثيابًا أو سراويل قصيرة تكشف جزءًا من فخذه أو أسفل ظهره مما هو داخل ضمن عورته؛ فهذا لا تصح صلاته.

وكذلك من يلبس ثيابًا تشُفّ ما خلفها، فترى لون بشرته من خلف ملابسه؛ فهذا لا تصح صلاتُه.

- ومن شروط الصلاة: الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، وسبق الحديث عنها بالتفصيل.

- ومن شروطها: إزالة النجاسة: عن بدنه، ولباسه، والمكان الذي يُصلِّي عليه.

ومن رأى عليه نجاسةً بعد الصلاة لا يدري متى حدثت أو كان ناسيًا لها؛ فصلاته صحيحة. وإن علم بها أثناء الصلاة وأمكنه إزالتها دون أن تنكشف عورته؛ فيزيلها ويُكمل صلاته.

- ومن شروط الصلاة: استقبال القبلة[27]، والكعبة هي قبلة المسلمين.

- ومن شروطها: النية: ومحلُّها القلب، ولا يُشرع التلفظ بها.

ولا تصح الصلاة في المقبرة -إلا الصلاةَ على الميت- كما لا تصح الصلاةُ في أعطان الإبل[28].

اللهم اجعلنا ممن أقام الصلاة حق إقامتها على الوجه الذي يرضيك عنّا، نكتفي بهذا القدر، ونتحدث في اللقاء القادم - بمشيئة الله- عن أركان الصلاةِ.

[27]ويُستثنى من ذلك: صلاةُ النافلةِ على الراحلةِ (سيارة أو طائرة أو غيرهما) في السَّفر، فيُصلي حيثما توجَّهت به.

[28]وهو المكان الذي تبيت فيه الإبل وتأوي إليه، والمكان الذي تبرك فيه عند صدورها من الماء، أو انتظار الماء.

أركان الصلاة

تحدثنا فيما سبق عن شروط الصلاة، وحديثنا اليوم عن أركان الصلاة:

- وأركان الصلاةِ لا تسقط عمداً ولا سهواً، وهي:

الركن الأول: القيام مع القدرة: لقوله  ج: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» [رواه البخاري]. وهذا في الصلاة الفريضة، أما النافلة فيجوز أن يُصليها قاعدًا من غير عُذر، وله نصف الأجر، لِما جاء في الحديث «وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ» [رواه البخاري].

الركن الثاني: تكبيرة الإحرام: في أول الصلاة، لقوله  ج: «ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَكَبِّرْ» [رواه البخاري].

الركن الثالث: قراءة الفاتحة في كل ركعة: لقوله  ج: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» [متفق عليه]، وتسقط الفاتحة لمن أدرك الإمام وهو راكع أو قبل الركوع ولم يتمكن من قراءتها.

الركن الرابع: الركوع.

الركن الخامس: الرفع من الركوع.

الركن السادس: الاعتدال قائمًا، كحاله قبل الركوع.

الركن السابع السجود على الأعضاء السبعة، وهي: الجبهة والأنف، واليدان، والركبتان، وأطراف القدمين.

الركن الثامن: الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين.

الركنان التاسع والعاشر: التشهد الأخير، وجلسته: وهو قول الدعاء الوارد «التحيات الله والصلوات والطيبات...».

الركن الحادي عشر: التسليم.

الركن الثاني عشر: الطُمأنينة، وهي السّكون في كل ركن فعلي وإن قلّ.

الركن الثالث عشر: الترتيب بين الأركان.

اللهم فقّهنا في الدين، وعلمنا ما ينفعنا في الدنيا والآخرة، نكتفي بهذا القدر ونتحدث في اللقاء القادم - بمشيئة الله - عن حكم من ترك أو نسي شيئاً من هذه الأركان.

حكم من ترك أو نسي ركنًا من أركان الصلاة

تحدثنا في اللقاء الماضي عن أركان الصلاة الأربعة عشر، وحديثنا اليوم عن حكم من ترك أو نسي شيئاً منها:

- فإن ترك أو نسي تكبيرة الإحرام؛ لم تنعقد صلاتُه، أي: لم يدخل في الصلاة.

- وإن كان غيرها: فإنْ تركَهُ عمدًا؛ بطلت صلاتُه، وإن تركه سهوًا، ففيه تفصيل:

أ- إن ذكره قبل الوصول إلى موضعه من الركعة التالية، عاد فأتى به وأكمل صلاته وسجد للسهو.

مثاله: لو نسى الركوع، ثم تذكره في السجود من نفس الركعة أو في قراءة الركعة التالية؛ فيترك السجود أو القراءة، ويركع، ثم يُكمل صلاته، ويسجد للسهو.

ب- وإن ذكره بعد الوصول إلى موضعه من الركعة التالية؛ أَلغى الركعة الناقصة، وجعل هذه محلها، وأتمّ صلاته، وسجد للسهو.

مثاله: لو نسى الركوع من الأولى، ثم تذكره عند ركوع الثانية؛ فتُلغى الركعة الأولى، وتكون الثانية هي الأولى بالنسبة له، ويكمل صلاته ويسجد للسهو.

ج- وإن لم يذكر الركن إلا بعد السلام؛ أتى بركعة كاملة، ما لم يمرّ وقت طويل بين سلامه وتذكره، فإن مر وقت طويل أو انتقض وضوؤه؛ فإنه يُعيد صلاتَه.

جعلنا الله ممن أتمّ صلاته وأداها على أكمل وجه، نكتفي بهذا القدر، ونتحدث في اللقاء القادم - بمشيئة الله- عن واجبات الصلاة الثمانية.

واجبات الصلاة

تحدثنا في اللقاء الماضي عن أركان الصلاة والأحكام المتعلقة بها، وحديثنا اليوم عن واجبات الصلاة، وهي:

1. جميع التكبيرات، عدا تكبيرة الإحرام.

2. قول «سمع الله لمن حمده» للإمام والمنفرد، أما المأموم فلا يقولها.

3. قول «ربنا ولك الحمد» للإمام والمنفرد والمأموم.

4. قول «سبحان ربي العظيم» في الركوع، ويستحب أن يكررها ثلاثًا أو أكثر.

5. قول «سبحان ربي الأعلى» في السجود، ويستحب أن يكررها ثلاثًا أو أكثر.

6. التشهد الأول، وهو أن يقول: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» [متفق عليه].

7. الجلوس للتشهد الأوّل.

- ومن ترك واجبًا من هذه الواجبات عمدًا؛ بطلت صلاته.

- ومن تركه سهوًا أو جهلًا؛ فيجبره بسجود السهو.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يَرزُقَنا العِلم النافع والعملَ الصالِح المتقّبَل، نكتفي بهذا القدر ونتحدث في اللقاء القادم - بمشيئة الله- عن آداب المشي إلى الصلاة.