الإيمان بالله تعالى
حديثنا اليوم عن الركن الأول من أركان الإيمان، ألا وهو: الإيمان بالله تعالى، ويتضمن أربعة أمور:
1- الإيمان بوجود الله تعالى، وقد دل على وجوده سبحانه العقل والفطرة، فضلاً عن الأدلة الشرعية الكثيرة، فكل مخلوق قد فُطِرَ على الإيمان بخالقه من غير سَبْقِ تفكير أو تعليم، كما قال النبي ج: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» [متفق عليه]، وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى ففي قوله تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [الطور: 35] يعني: أن هذه المخلوقات لم تُخلق صدفة من غير خالق، كما أنها لم تَخلُق نفسها، فلم يبقَ إلا أنها خُلِقت بتقدير العزيز العليم سبحانه، الذي خلق فسوّى والذي قدّر فهدى.
2- ويتضمن الإيمان بالله: الإيمان بربوبيته تعالى، أي: أن نؤمن أن الله عز وجل وحده الرب الخالق لكل شيء، المالك لكل شيء، المُدبّر لجميع الأمور؛ كالرزق والإحياء والإماتة وإنزال المطر وغير ذلك، يقول الله سبحانه: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54].
3- كما يتضمن الإيمان بالله: الإيمان بألوهيته سبحانه: وذلك بأن نفرد الله تعالى بالعبادة، فلا نَصرف شيئًا من العبادة لغير الله سبحانه وتعالى، ونتبرأ من كل ما يُعبد من دونه عز وجل وهذا هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله.
والعبادة التي يجب ألا تُصرف إلا لله وحده تشمل: كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، فتشمل: الصلاة والدعاء والذبح والنذر والاستعانة والاستعاذة والخوف والرجاء وغيرها.
- وتوحيد الألوهية ويُسمى كذلك توحيد العبادة، هو الأصل في جميع الرسالات السماوية، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «معنى الطاغوت: ما تجاوز به العبدُ حدَّه من معبود أو متبوع أو مُطاع»، وقال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى: «والطواغيت كثيرون. ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عُبِد وهو راضٍ، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادّعى شيئاً من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله»[3].
4- ومما يتضمنه الإيمان بالله: الإيمان بأسمائه الحُسنى وصفاته العُليا، وذلك بأن نؤمن بما أثبته الله عز وجل لنفسه وما أثبته له نبيُّه ج من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به عز وجل، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل[4]، قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11] فنفى التمثيل والتكييف بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ونفى التحريف والتعطيل بقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
نسأل الله الكريم الوهاب أن يملأ قلوبنا بالإيمان ويثبتها باليقين ويزينها بالإخلاص، نكتفي بهذا القدر، ونتحدث –بمشيئة الله- في اللقاء القادم عن أعظم ذنب عُصيَ اللهُ به، وهو الشرك.
[3]ثلاثة الأصول وأدلتها، للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.
[4]التحريف: صرف اللفظ عن المعنى الذي يدل عليه بدون دليل، والتعطيل: نفي صفات الله أو أسمائه، والتكييف: اعتقاد أن صفات الله على كيفية معينة مما تتخيله العقول، والتمثيل: اعتقاد مماثلة أي شيء من صفات الله لصفات المخلوقين.