(1) أحكام منسك حج بيت الله الحرام

فهرس الكتاب

فتح مكة

فتح النبي ﷺ مكة عام ثمانية من الهجرة. وفي السنة التاسعة أمر النبي ﷺ أبا بكر بأن يحج بالناس، وكان عدم مبادرته إلى الحج في هذه السنة؛ أن أعمالاً منكرة يعملونها في الطواف؛ وذلك أنهم يطوفون بالبيت عراة، الرجال والنساء، ويقولون: ثياب عصينا الله فيها لا نطوف بها، وأنزل الله: ﴿وَإِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةٗ قَالُواْ وَجَدۡنَا عَلَيۡهَآ ءَابَآءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَاۗ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ [الأعراف: 28] ولهذا أرسل النبي ﷺ عليًّا بأن ينادي في الناس بسورة براءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله ﷺ عهد؛ فأجله إلى مدته: ﴿أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ [التوبة: 3].

وروى مسلم في صحيحه عن جابر: مكث النبي ﷺ تسع سنين لم يحج. وفي السنة العاشرة أذن في الناس: أن رسول الله ﷺ حاج، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يريد أن يأتم برسول الله ﷺ ويحج معه، ويعمل مثل عمله. قال جابر: فخرج رسول الله ﷺ حتى أتى ذا الحليفة - وهي ميقات أهل المدينة - فنزل بها رسول الله ﷺ وبات بها تلك الليلة، فولدت أسماء بنت عميس - زوجة أبي بكر - محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله ﷺ قالت: كيف أصنع؟ فقال لها رسول الله ﷺ: «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي[3] بِثَوْبٍ، وَأَحْرِمِي» فدل هذا الحديث على أن الحائض والنفساء تغتسل للإحرام وتحرم، كما يحرم سائر الناس، وإحرامها صحيح. قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة.

ثم إن رسول الله ﷺ تجرد لإحرامه واغتسل وتطيّب، قالت عائشة رضي الله عنها: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحُرْمه حين أحرم، ولحلِّه قبل أن يطوف بالبيت[4].

فطيب الرجال: ما ظهر ريحه وخفي لونه كدهن الورد. وطيب النساء: ما ظهر لونه وخفي ريحه.

[3] الاستثفار: أن يدخل الإنسان إزاره بين فخذيه ملويًّا ثم يخرجه. واستثفرت الحائض: أي اتخذت خرقة عريضة بين فخذيها تشدها في حزامها. [4] متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.