رسالة من البرقعي إلى الخميني[195]
باسمه تعالى
حضرة المستطاب آية الله السيد الخميني، بعد السلام والتهنئة والترحيب بقدومكم، ودعائي الخالص لكم والشوق لزیارتكم..
فهذه رسالة تظلّم من عشرة آلاف شخص من الأصدقاء والناصحين.
إن الهدف والمقصد الذي كنا نريد الوصول إليه، والذي كنا نريد أن نجنيه من الثورة هو إحقاق الحق، وإصلاح الانحرافات، فلا ينبغي أن يتصرف رجال الدين كما كان يفعل النظام الطغياني (للشاه) بحكمه للناس من خلال القوة والبطش.
حضرة آية الله إن كثيراً من حقوق الناس أُكِلَت، والناس الذين هيئوا الشعب للثورة، والذين كانوا أساساً للثورة وتشجيع الناس على المشاركة في إحقاق الحق لم تُعط لهم الفرصة، بل وجدوا غصةً في حلوقهم.
وأنتم تعلمون أنني كنت أشارك من أربعين سنة في محاربة الخرافات، وفي هذه السنوات الأخيرة وقفت دولة الشاه ضدي بوضوح، ومعه حزبه الطاغوتي من مشايخ وقراء مراثي وعوام أيضاً، واتهموني بتهم كثيرة، ونسبوا إليّ عيوباً عديدة، حتى قالوا بأني مخالف للدين-نعوذ بالله- وعدو لأمير المؤمنين ÷! وشوّهوا سيرتي في أكثر المحافل والمنابر، وهجموا عليّ بواسطة السافاك ورجال الأمن، وقبضوا علي وطردوني من مسجدي وسجنوني، وأخذوا مني بعد فترة تعهداً بألا أذهب إلى المسجد، ثم اقتلعوا باب داري ودخلوا البيت حتى مرِضَت زوجتي من الخوف ثم استشهدت، وسجنوا ابني، وابني الآخر سُجن ثمان سنوات من قبل، ومنعت كتبي من الطباعة. نعم، (بيت من الشعر بالفارسية وترجمته:
إما أن لا تسلك طريق الحرية أو (إن سلكتها) فعليك أن لا تهتم بروحك ورأسك!
والعجيب أن الإمام الذي سعى مع المسئولين والشرطة حتى طردوني من المسجد، ووضع صورة الشاه في مسجدنا صار مقرباً من الإمام (فأضحى المقرب من الشاه مقرّباً من الإمام).
والآن وأنا في سن المشيب أصبحت مُشرَّداً أتنقل من مكان إلى مكان، ولا أستطیع الذهاب إلی بیتي في قم من مخافة أذى الخرافيين لي.
ألا ترى بأن الاستعمار قد نجح عندما نشر الخرافات، وجعل الشباب ينفر عن هذا الدين بسببها.
كان ذنبي مخالفة الخرافات وبدع المذهب!
كان ذنبي أن فرقت بين حقائق القرآن وبين الخرافات!
كان ذنبي اتباع كتاب الله وسنة رسول الله ص!
كان ذنبي إظهار الإسلام الصحيح!
كان ذنبي أنني أزحت شوائب الخرافات عن وجه الإسلام النيّر!
لقد تعاضدت حكومة الشاه مع العلماء ضدي، وكم كتبت للسادة أخبرهم عن استعدادي للمناقشة، وأنني سأرجع عن الخطأ لو بينـتم لي، فلم أجد جواباً إلا الفحش والتكفير والتهم الباطلة وتحريك العوام ضدي، وكانت وزارة الثقافة تسمح بطباعة كثير من الكتب التي تخالفني بل وتنشرها بأعداد كبيرة، ولهذا السبب يعتقد الكثيرون بأن رجال الدين متواطئون ومشاركون في سياسات الجبروت والطغيان تلك الأيام.
أرجو من معاليكم أن تبذلوا ما تستطيعون من توجيهات لإصلاح ذلك؛ لرفع المساوئ، ودفع الظلم وإحقاق الحق.. كيف يكون المجوس واليهود والنصارى أحراراً؟ وكيف يؤخذ مسجدي وأسلب حريتي بالحجة التي يذكرونها وهي أن البرقعي سنّي.. علماً بأن البرقعي ليس سنياً بالمعنى المصطلح عليه، بل مصلحاً مسلماً وشيعياً حقيقياً؟!
والبرقعي ينتظر محكمة مالك يوم الدين وعدل رب العالمين.
﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [هود:88].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خادم الشريعة المطهرة السيد أبو الفضل ابن الرضا البرقعي.
أنتظر الإجابة
***
[195] انظر الوثيقة في الملحق رقم 12