نفحات الاستبصار
في هذه السنوات كنت أجد فسحة من الوقت فاشتغلت بالمطالعة والتأليف، والتدبُّر في آيات كتاب الله، وثبت لي شيئاً فشيئاً أنني وجميع علمائنا غارقون في الخرافات، وأننا كنا نجهل معاني كتاب الله، وأن أفكارنا لا توافق القرآن، وببركة تدبُّر القرآن استيقظت شيئاً فشيئاً، وفهمت أن علماءنا ومقلّديهم قد غيّروا دين الإسلام، وأنهم باسم المذهب تركوا الإسلام الحقيقي. وتبيَّن لي أن فئةً باسم العارفين بالله، وأخرى باسم الشعراء والمفاخر الوطنية (القومية)، وفئة باسم الصوفية، وأخرى باسم الأخباريين، وأخرى باسم الفقهاء الأصوليين، وفئة باسم الحكماء والفلاسفة، كل هؤلاء ضيَّعوا الإسلام الأصيل، وروّجوا أفكاراً بشريةً زائفةً بدل الإسلام الصحيح.
وقد قمت بتأليف كُتبٍ أُوضّح فيها أخطاء كل فئة، وكلّما أخرجت كتاباً في فئة نصب لي أتباعها العداء، وبعد أن ألفت كتابَيْ: «التفتيش» و«حقيقة العرفان» عزم بعض مُرشدي الصوفية على قتلي، وهدَّدوني بذلك عبر الهاتف، وأرسل أحدهم لي رسالةً قال فيها: سنضربك بأصحابك، واتَّصل أحد الصوفية بي هاتفياً وقال: سنقتلك، قلت: الله يحفظنا من شرِّكم، قال: إننا سنقضي عليك بأيدي أصحابك من رجال الدين (المشايخ) قلت: افعلوا ما شئتم. وبعد فترة طويلة علمت من طريق أحد العاملين في وزارة الثقافة أن أهل «خانقاه»[62] جمعوا مبلغاً قدره «ستين ألف تومان» - وهو مبلغٌ كبيرٌ جداً في وقتها- ليُعطوه لمسؤولي وزارة الثقافة كي يقوموا بجمع كل النسخ المطبوعة في السوق من كتاب «التفتيش» ليمنعوا انتشارها بين الناس.
لقد كان القصد من تأليف هذه الكتب تعريف الناس بكتاب الله تعالى، وتعليمهم العقائد الإسلامية الأصيلة، وتفهيمهم القرآن، وتحذير الناس من كيد أهل البدع وضلالاتهم، وقبل أن أبدأ بدعوتهم وكشف أباطيلهم كانوا قد تعرضوا لي بالهجوم، وبدؤوا بالإساءة إلى سُمعتي واتِّهامي والافتراء عليّ في كل مكان.
[62] الخانقاه، زاوية للصوفية يعتكفون فيها ويمارسون فيها الخلوة وحلق الذكر. (المنقِّح)