أفراد مثل سعادتي يمثلون الصمود والشجاعة
لا يجيز الإسلام محاكمة أحد سراً
باسمه تعالى
قال تعالى: ﴿ قَالُواْ فَأۡتُواْ بِهِۦ عَلَىٰٓ أَعۡيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡهَدُونَ ٦١﴾ [الأنبياء: 61].
في القانون الإسلامي لا يجوز أن يُحاكَمَ أحدٌ سرياً فضلاً عن تعذيبه وإيذائه.
بسبب سجني أكثر من مرّةً وإبعادي على يد عمال النظام الطاغوتي (للشاه) فأنا أعلم جيداً ما يفعله الطواغيت من تعذيب؛ وأعلم جيداً ما يحلّ بأمثال هؤلاء المناضلين السجناء وأعرف كيف يكيلون لهم التهم الباطلة، وذلك لأنني رغم كتابتي لقرابة مئتي مجلد من الكتب في بيان حقائق الإسلام والدعوة إلى اتحاد المسلمين ابتُليت باتهامي بتهم باطلة عديدة كاتهامي بأنني وهابي وناصبي وغير ذلك. وكنا نأمل أن لا نُشاهد في حكومة الجمهورية الإسلامية مثل هذه الأعمال التي لم تكن تحدث حتى في دولة نمرود، فنحن نقرأ في القرآن الكريم أنه عندما قام إبراهيم ÷ بتحطيم الأصنام حاكموه محاكمةً علنيةً لا سريةً، كما جاء في سورة الأنبياء، الآية 61: ﴿ قَالُواْ فَأۡتُواْ بِهِۦ عَلَىٰٓ أَعۡيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡهَدُونَ ٦١﴾، فلا يجوز للحكومة الإسلامية الحالية أن تقوم بإيذاء الأفراد المُوَحِّدين الذين حطَّموا الأصنام وحبسهم واتِّهامهم بالباطل. يبدو أنهم يخافون من المجاهدين والمُوَحِّدين وأنه لا علم لهم بقوانين الإسلام السامية، أو أن عُمَّال النظام السابق يُريدون من خلال إيجاد مثل هذه الأعمال المتضمِّنة لخنق الحريات أن يُشَوِّهوا صورة الحكومة الإسلامية. إننا نرى أن أفراداً مثل «سعادتي» ونظرائه مناضلون متنوِّرون ونحن نأسف لما يقع عليهم من إيذاء وحبس وافتراء. يجب على دولتنا وشعبنا وعلماء ديننا أن ينظروا إلى هذا الموضوع بريبة عميقة وأن يُوَضِّحوا حقائق الأمور كي يطَّلع عليها عامة الناس كي تُدفع هذه التهمة عن «سعادتي» إن شاء الله، وإلا فإن عدم القيام بهذا الأمر سيكون له تبعات خطيرة لأن إيذاء المناضلين سيُسبِّب غضب جميع الطبقات الواعية في المجتمع. في موضوع اتهام «سعادتي» لا بُدَّ من أن يؤخذ بعين الاعتبار رأي الجماعات السياسية المناضلة المختلفة التي ناضلت سنوات ببسالة في السابق ضد الإمبريالية وضد النظام السابق ولم تخشَ في هذا السبيل من التعذيب والحبس بل حتى من بذل الروح. وعلى سبيل الفرض لو استطاع شخص أن يكسب معلومات حول حيل الأجانب ومؤامرات المستعمرين المشؤومة ضد الشعب الإيراني من خلال اتصاله مع بعض المخبرين الأجانب واستطاع بذلك أن يقف على دسائس الإمبريالية وعملائها الأجانب مما يصب في مصلحة البلاد فعمله هذا عمل جيد ومشروع ولا إشكال فيه، بل حتى حضرة رسول الله ص وحضرة أمير المؤمنين علي ÷ كانوا يقومون بهذا العمل في زمانهم فمثلاً جاء في الرسالة رقم 33 من نهج البلاغة: «إن عيني بالمغرب كتب إليّ يُعلمني». كما يتضح هذا أيضاً من سائر رسائل حضرة أمير المؤمنين علي ÷.
إن الداعي يُذَكِّر مسؤولي الحكم من باب الحرص على الدولة وعلى الشعب المسلم ويقول: لا تجعلوا الناس يُسيئون الظن بكم ولا تُشوِّهوا اسم الإسلام ولا تُعذِّبوا المجاهدين الإسلاميين ولا تُؤذوهم بل أطلقوا سراحهم من السجن على الفور، وخافوا من الله القهار ومن غضب الشعب الواعي. وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
الأحقر: السيد أبو الفضل العلامة البرقعي
***
نعم أنا أقر بأنني بعدما علمت أن «سعادتي» من أعضاء حزب «مجاهدي خلق» وأنهم لا يعتقدون بالتوحيد وغيره، ولا يتقيدون بالكتاب والسنة تبرأت منهم، وأنا لا أدافع عن أولئك ما داموا كذلك، وبناءً على هذا لم أقبل دعوتهم لإلقاء المحاضرة في جامعة «صنعتى شريف»، حيث كان لهم نفوذ واضح هناك.
ومن جملة بياناتي الأخرى ما كتبته في التعليق على «ولاية الفقيه» حيث كانوا يريدون فرض هذا المبدأ على جميع المكلفين، من خلال دستور الجمهورية الإسلامية، مع أن هذه المسألة مخالفة للكتاب والسنة، وفرضها على الناس نوع من الاستبداد والظلم في الدين الإسلامي؛ لأن الإسلام یُبیح التنازع مع أولي الأمر كما في الآية (59) من سورة النساء، فكيف یُمکن أن يفرض على الناس الاستبداد باسم الدين وولاية الفقيه ويضيق عليهم بها؟!
كيف نفرض ولاية تنعقد من طرف واحد مع أن مسؤولية الحاكم تنعقد من خلال طرفين هما: الوالي والمؤمنون المبايعون، ومن خلال بيعتهم له يتحمل المسؤولية.
لذا بدأت بكتابة مقالات لمواجهة هذه البدعة، ومن ذلك المقالة الآتیة، وقد نشرتها بعض الصحف، ومنها صحيفة «جبهه آزادي» (أي جبهة الحرية) في العدد (278) في تاريخ: (12/7/1358)[206]، ولم تنشره هذه الصحيفة حباً بعليّ (ع) بل بُغضاً لمعاوية، كما يقول المثل، فيها. وللأسف فإن شح وسائل التبليغ المتاحة تقف عائقاً أمامنا في تبليغ ذلك للناس كلهم؛ فقد قصدت أن أسجّل مخالفتي لهذه البدع في التاريخ حتى لا يظن الجيل القادم أن هذه الخرافات من الإسلام، وهذا نص المقالة:
[206] يُوافق: 4/ 10/ 1979م. (المُحَقِّق)