فهرست کتاب

مقالات صحفية للبرقعي أوائل الثورة

مقالات صحفية للبرقعي أوائل الثورة

مقال: الاعتراض على المادة الثانية عشرة من الدستور:

نشر هذا المقال في صحيفة آيندگان في عددها (3385) الصادر بتاريخ 5/4/1358هـ. ش.[198] وهذا نصه:

اعتراض آية الله العظمى البرقعي في رسالة إلى «آيندگان» علی المادة 12 من الدستور.

ينبغي ألا يكون القانون الأساسي سبباً للتفرقة.

لقد أرسل آية الله العظمى البرقعي أستاذ المرحوم آية الله المطهري أمس مقالة لـ « آيندگان» شرح فيها النقاط التي تحتاج إلى إعادة نظر في مُسَوَّدة الدستور ونصّ المقالة كالتالي:

باسمه تعالى

السادة جريدة «آيندگان» وفقهم الله لما يحب ويرضى!

بعد السلام وتقديم الدعاء أرجو أن تنشروا مقالتي التي أبعثها نصحاً للحكومة والرعية.

الأحقر: السيد أبو الفضل العلامة البرقعي.

باسمه تعالى

الاعتراض على المادة (12)[199]

«ينبغي ألا يكون القانون الأساسي سبباً وباعثاً على الفرقة»

ينبغي للقائمين على وضع الدستور ألا يُبقوا اسم المذهب في القانون حتى لا تحدث الفرقة بين المسلمين، لأن اسم المذهب غير موجود في كتاب الله وسنة رسول الله ص، وأنا أعتقد أنني شيعي حقيقي وأتبع أئمة أهل البيت وأبجّلهم، غير أنني أعتقد بأن مقام الإمام ومنزلة الإمامة مقامٌ للهداية والإرشاد إلى الدين، يعني: أن الإمام تابع للدين، داع إليه، وليس هو أصلاً للدين (عقائده وفروعه)، ویجب علی كل إمام أن يكون مبلّغاً فقط وتابعاً لدين الإسلام.

الدين واحد، ولا يحق لأحد أن يزيد فيه أو ينقص، ولا يحق لأحد أن يأتي بعد الإسلام بمذهب، ولم يدّع أحد من أئمة الشيعة أو السنة بأنه أتى بمذهب، حتى الإمام جعفر الصادق÷ لم يدّع أنه جعفري، ولم يقل: إني قد جئت بمذهب اسمه (المذهب الجعفري)، وكذلك لم يقل أبو حنيفة والشافعي: إننا جئنا بمذهب، والأمير ÷ لم يقل: مذهبي كذا.. والإمام الحسين ÷ لم يقل: إنني جعفري، بل بعض أتباعهم قاموا بذلك بعد مضي ثلاثمائة سنة أو أكثر، وبالتحديد زمن خلافة المقتدر بالله العباسي، حيث رأوا منع كثرة الفتاوى وتعدد الأقوال فحصروا المذاهب في أربعة، والشيعة وضعوا في مقابل أهل السنة مذهباً باسم المذهب الجعفري و نفخوا في نار التفرقة.

وبعيداً عن كل هذا نجد كتاب الله يدعو إلى الاتحاد، ويبين أن الفرقة من سمات أهل الشرك، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٣١ مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ ٣٢ [الروم: 31 - 32]، فينبغي للمسلمين أن يكونوا متحدين، وألا يتسموا إلا بما سماهم الله به في قوله: ﴿ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ [الحج: 78] لا باسم مذهب ولا غيره.

والعجب أن بعض المشايخ وعلماء الدين أعْلَوا اسم التشيع مستدلِّين بحديث رسول‌اللهص الذي قال: (شيعة علي هم الفائزون)، ونقول في الإجابة عن ذلك:

أولاً: إنما يكون الرجل من شيعة عليّ عندما يكون على منهج عليّ في أصول الدين وفروعه، وأن يترك التفرقة باسم المذهب، وألا يدين بأصول تخالف منهج عليّ ÷؛ لأن عليّاً تبرأ في نهج البلاغة من أهل الفرقة، فقال: (وإياكم والتفرقة، ومن دعا إلى هذا الشعار فاقتلوه ولو كان تحت عمامتي هذه) [خطبة: 125].

وهو نفسه ÷ لم يتخذ لنفسه اسماً لمذهب، ولم ينفرد عن جماعة المسلمين، وكان يخالط الخلفاء ويتردد عليهم، وسمّى أولاده بأسمائهم، وزوّج بنته أم كلثوم بالخليفة الثاني، فيحسن بالسادة الذين يستدلون بالحديث على التشيع أن يتبعوا القرآن الذي نهى عن التفرق، وألا يكون المسلمون شِيَعاً، فقال: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ [الأنعام: 159]، وقال في نفس السورة: ﴿قُلۡ هُوَ ٱلۡقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبۡعَثَ عَلَيۡكُمۡ عَذَابٗا مِّن فَوۡقِكُمۡ أَوۡ مِن تَحۡتِ أَرۡجُلِكُمۡ أَوۡ يَلۡبِسَكُمۡ شِيَعٗا وَيُذِيقَ بَعۡضَكُم بَأۡسَ بَعۡضٍۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَفۡقَهُونَ ٦٥ [الأنعام: 65] وفي موطن آخر من سورة [الروم آية 31] وصف أهل الشرك بالافتراق[200]، وأنا لا أعلم هل الإسلام ناقص حتى يضاف إليه مذهب؟!

منذ ألف سنة أوجدوا الخلافات بين المسلمين باسم المذاهب، وسفك بعضهم دماء بعض حتى جرت أنهار من دمائهم، والسؤال: هل سمى الإمام علي ÷ وسائر الأئمة أنفسهم جعفريين؟ لا والله.

واليوم للأسف الشديد اشتدت فرقة المسلمين إلى درجة أنك ترى النصارى واليهود في بلاد المسلمين يعيشون بكل حرية في دينهم، ولكن لو ابتلي أحد بالاتهام بأنه تسنَّنَ فسوف تصبح حياته شاقة بين الشيعة، ويكون مهدداً في ماله ودمه في كل لحظة، والعكس كذلك!

والآن عندما قال الإمام الخميني: إن السني والشيعي والجميع لهم الحرية.. ثم إذا جئنا إلى الواقع وأراد أحد أن يبين حقائق الإسلام فسينبري له أناس ويتهمونه بالتسنن، ثم سيُلاحقونه ولن يكون له الحق في الحياة؛ لأن بعض الشيعة الجهلة سيحكمون عليه بالكفر ووجوب قتله.

يبدو أن الحرية واسم الجمهورية الإسلامية مجرّد حبر على ورق، وليس له أي مصداقية في الواقع، بل أصبحت هذه الجمهورية سبباً للطعن بالإسلام، حيث صار من العسير بيان حقائق الإسلام، ودعوة الناس إلى الوحدة الإسلامية الحقيقية، وصار من العسير على أي أحد أن يوضح للناس أن الإمام تابع للدين، وكل من يبين الحقائق ويتكلم بها يُتَّهم وتُفترى عليه بمئات الافتراءات.

بناءً على ما ذكرنا فإن مرتبة الإمامة تعني إرشاد الناس إلى الدين، لا أن يكون الإمام هو الدين نفسه، وليس لأحد أن يزيد أو يُنقص في أصول الدين أو فروعه باسم الدين أو باسم الإمام أو الإمامة.

نحن نذكر هذه المسألة للمسؤولين عن كتابة القانون الأساسي للجمهورية؛ حتى يحذفوا أو يُصلحوا المادة الموجبة للتفرقة باسم المذهب، وحتى يعلم الجيل القادم أنا قد ذكرنا ما كان لازماً علينا.

ونحن نقول: إن أصول الدين هي الإيمان بالأمور التي أمر الله تعالى أن نُؤمن بها، والتي آمن بها عليٌ ÷ أيضاً، ولم يجعل عليٌّ الإيمان بـ(نفسه) من أصول الدين ولا من أصول المذهب، ولم يقل في أي موطن: يجب أن تؤمنوا بي وبأولادي، أو يجب أن تؤمنوا بأن إمامتنا من أصول الدين، و علينا أن نُؤمن بالأمر ذاته الذي كان عليٌّ يُؤمن به، لأن أصول الدين للإمام والمأموم واحدة. وعلى هذا فالذين أدخلوا أصولاً جديدة -تحت مسمَّى المذهب- على دين أميرالمؤمنين÷ هم في الحقيقة من أعدائه لا من أتباعه.

سيقول بعض الجهلة: بما أن بعض الدول الإسلامية جعلت المذهب الحنفي أو الشافعي مذهباً رسمياً لها، فعلينا نحن أيضاً أن نجعل المذهب الجعفري المذهب الرسمي لبلادنا. وفي الإجابة أقول: سواءً أساء أولئك بعملهم ذاك أم أحسنوا فهذا يخصهم، أما نحن فعلنا أن لا نسيء، لاسيما وأننا نهدف إلى اتحاد الكلمة، وندعو المسلمين في العالم إلى الوحدة واجتماع كلمة المسلمين تحت راية واحدة، ولذا فالواجب على جميع القادة الإيرانيين وكبار العلماء أن يُبَيِّنوا الحقائق خوفاً من قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَٰٓئِكَ يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ ١٥٩ [البقرة: 159]. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ﴿إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ ٨٨ [هود:88].

الأحقر: السيد أبو الفضل العلامة البرقعي

***

لما انتشرت هذه المقالة فرح بها كثير من الناس، ولاسيما الأكراد في «سنندج» كما هو واضح في جريدة اطلاعات العدد: (15891) بتاريخ: 7/4/1358هـ.ش.[201]، وفي مقابل هذا ظهر غضب وتهديد المشايخ المخالفين الذين يدَّعون العلم ولا يعرفون الاستدلال على ما يقولون، وقد نقلت صحيفة اطلاعات في عددها (15896) الصادر بتاريخ: 13/ 4/ 1358[202] بعض كلام المخالفين وانزعاجهم مما قلت، كما كتب بعض أقربائي معارضتهم لي وبراءتهم من آرائي التي خالفتُ فيها المشايخ؛ فكتبت مقالاً عقّبت فيه على التهديدات التي وصلتني وقد نُشر في بعض الصحف اليومية بعنوان: «لا أخاف من الدسائس».

نشر هذا المقال في صحيفة اطلاعات العدد (15893) التاريخ (10/4/1358)[203]، وفي صحيفة آیندگان العدد:(3388) بتاريخ (9/4/1358)[204] وهذا نصه:

[198] يطابق: 26/5/1979م. (المُحَقِّق) [199] نص المادة 12 من الدستور الإيراني على ما يلي: (الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثني عشري، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير، وأما المذاهب الإسلامية الأخرى والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي فإنها تتمتع باحترام كامل، وأتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم، ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية، وما يتعلق بها من دعاوى من المحاكم، وفي كل منطقة يتمتع أتباع أحد هذه المذاهب بالأكثرية، فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة- في حدود صلاحيات مجالس الشورى المحلية- تكون وفق ذلك المذهب، هذا مع الحفاظ على حقوق أتباع المذاهب الأخرى). [200] يشير إلى قوله تعالى ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ 31 مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم: 31 - 32] (المُحَقِّق) [201] بحسب التقويم الهجري الشمسي المعمول به في إيران، و يوافق 28/6/1979م. (المُحَقِّق) [202] يوافق 4/7/1979م. (المُحَقِّق) [203] يُوافق: 1/ 7/ 1979م. (المُحَقِّق) [204] يُوافق: 30/ 6/ 1979م. (المُحَقِّق)