رسالة من محمد حسين البرقعي إلى الخميني حول محاولة الاغتيال
كما أرسل أحد أبنائي رسالة إلى السيد الخميني وأخبره عن حادثة محاولة الاغتيال، وأسوق رسالته إليكم:
بسم الله الرحمن الرحيم.
إلى حضرة المحترم مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لست أدري هل تم إخباركم بما حدث في الأسبوع الماضي لآية الله أبي الفضل البرقعي أملا؟ فقد هجم عليه مجموعة لقتله في منزله وهو يؤدي الصلاة ولم يجد فرصة للدفاع عن نفسه، ولكن بحمد الله ومنته لم ينل الجاني ما أراد، وشاء الله سبحانه للعلامة البرقعي الحياة.
وحقاً: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا﴾ [التوبة: 51].
والأمر المهم هو: أننا نريد أن نعرف الجناة ومقصودهم؟! وإن لم نستطع أن نحدد اسم الجاني فإننا نستطيع أن نحدد نوعه وفئته لاسيما وأنه ناقش آية الله البرقعي قبلها، وسأله بعض الأسئلة، فالجاني بلا شك كان من فئة المتمذهبين المتعصبين جداً، وكان مع الأسف يظهر نفسه من المحبين المخلصين للجمهورية الإسلامية، وهو وفئته ممن يردون على الكلمة والمنطق والفكر بالبارود والنار، إنهم فرقة لا تقيم للقضاء أي احترام، ولا للقانون في الدولة الإسلامية أي تقدير، مَثَلُهم كمثل من قبلهم من الخوارج، يقتلون كل من خالفهم، وباختصار اتبعوا مسلك أعداء عليّ ÷.
إنهم أناس جهّال، وليس لديهم تفكير، لا يمكن أن يقابلوا المنطق والحوار إلا بالإرهاب.. مع أن الفكر لا يقابل إلا بفكر أعلى منه كعصا موسى ÷ التي ابتلعت سحر السحرة، أما اللجوء إلى القوة فلا تزيد الظالم إلا ظلماً لصاحب الحق، ولكنها تجعل كلامه أكثر تأثيراً.
هؤلاء لديهم أسوأ الأفكار، فهم يقرؤون المراثي في عزاء الشهيد الكبير الحسين بن علي÷ وأصحابه، ولكن لا يعلمون أن مسلم بن عقيل الصاحب الفدائي ومندوب الإمام لم يقم باغتيال عبيد الله بن زياد أمير الكوفة، ومع قدرته على هذا العمل لما سألوه: لِمَ لمْ تُقدم عليه؟! أجاب: يردني عنه حديث جاء عن رسول الله ص أنه قال: «إن الإِيمَانَ قَيَّدَ الْفَتْكَ لاَ يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ»[254] (مقتل أبي مخنف والتاريخ للطبري، ج5، ص363)!
وآية الله البرقعي من سنوات طويلة وهو يدعو إلى الرجوع إلى الإسلام الأصيل، وترك الخرافات والأوهام، ويدلل على كلامه بالكتاب والسنة، فخالفوه وعادوه أشد المعاداة؛ فكتبوا ضده رسائل وكتباً، ولم يهيأ الجو للسيد كما هيئ لهم.
وهنا نقول: لا يوجد معنىً للجوئهم للإرهاب مع السيد البرقعي إلا إحساسهم بضعف حجتهم! والذين يدّعون كذباً وزوراً أنهم يدافعون عن الحكومة الإسلامية إن كانوا يريدون الإصلاح الديني ويرون أن آراء البرقعي خاطئة؛ فلماذا يلجؤون إلى الرصاص ويتركون القضاء؟!
أيظن هؤلاء أنهم يطبقون الحرية التي تدعو لها حكومتكم ويدعو لها المذهب الشيعي؟! هل يقيم هؤلاء أي مبدأ للحرية باستهدافهم رجلاً كبيراً وعالماً مفكراً أثناء أدائه لعبادته؟! ويعتبرون أنفسهم من المؤمنين، ﴿قُلۡ بِئۡسَمَا يَأۡمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٩٣﴾ [البقرة: 93].
وبصفتي ابن العلامة البرقعي: أرجو أن تبينوا رفضكم لهذه الأعمال، ومخالفتها للحرية بسرعة، وأن تصدروا الأوامر بتعقب الجناة ومعاقبتهم حتى لا يؤول الأمر في الدولة إلى الهرج والمرج بفتاوى من هنا وهناك.
مع التقدير والاحترام.
محمد حسين البرقعي (ابن الرضا). 16 شوال 1406هـ (الموافق 24 يونيو1986م).
نسخة إلى مكتب آية الله المنتظري.
نسخة إلى مكتب رئاسة الجمهورية.
نسخة إلى مكتب رئيس الوزراء.
نسخة إلى مكتب المحكمة الكبرى في الدولة.
كما أرسل ابني هذه الرسالة أيضاً إلى (جمعية الدفاع عن الحرية وحاكمية شعب إيران) فقامت بنشرها في دوريتها المسماة (خبرنامة) في الصفحة الثالثة في عددها الصادر في شهر تير [255]، كما نشرت الجمعية المذكورة مقالاً بعنوان: (رسالة مفتوحة إلى حجة الإسلام الخامنئي حول مسؤولیات رئيس الجمهورية القانونية)[256] بتاريخ 28/ 5/ 1365 هـ.ش.[257]، وأن مجموعة من الأشخاص المقربين من الحكومة تحدثوا عن سوء نية الحكومة تجاهي. والحقيقة أنني أقدر لهذه الجمعية اهتمامها وطرحها لما تعرضت له من الظلم رغم اختلافهم فكرياً.
[254] وهذا الحديث مروي في مصادر الشيعة والسنة، فقد رواه من أهل السنة: أبو داود في سُننه وأحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. (المُحَقِّق) [255] تير: هو الشهر الرابع من السنة الشمسية في ايران. [256] العنوان: نامه سرگشاده به حجت الإسلام خامنه اي پيرامون وظايف قانونى رئيس جمهور. [257] الموافق لـ 19/ آب (أغسطس)/ 1986م. (المُحَقِّق)