في جواد آباد
كان الوقتُ منتصف فصل الشتاء والطقس شديد البرودة، وخرجت ماشياً على قدمي والثلج يتساقط، حتى وصلت قُبَيْل غروب الشمس إلى قرية مجاورة تُدعى «جواد آباد»[18] تقع على بُعد فرسخ من قرية «ورامين».
بطبيعة الحال كنت غريباً على أهل القرية جميعهم.. فذهبتُ مباشرةً إلى المسجد وكان قديماً بلا صيانة ولا رعاية.. أبوابه مكسَّرة.. وبساطه قديم وغير مرتب، والمسجد بارد جداً.. فقلت في نفسي: أُصَلِّي المغرب وأرى ماذا يحدث، وعند وقت المغرب دخل شيخ - علمت فيما بعد أنه حلَّ عليهم من أيام ليَؤُمَّهم في رمضان- فصلى معه بعض الناس.. وقد رآني فسلَّمتُ عليه ولكنه لم يردَّ عليَّ السلام بل تجاهلني تماماً وصلى صلاته وذهب!
خرجتُ من المسجد فتوجَّهتُ إلى مقهى قريب.. وسألتُ صاحبه: هل يُمكنني أن أجد هنا غرفةً للإيجار يكون فيها مصباحٌ ولحافٌ لأبيت فيها هذه الليلة؟ فأخبرني عن غرفة خلف المقهى للإيجار.. فنمت فيها تلك الليلة.. وفي الصباح خرجت لأرى ماذا أفعل.. فرآني شخص من أهل القرية وقال: لماذا لم تأتِ البارحة للإفطار (من الصيام) في منزلي؟ وأخبرني بأنه كان قد دعا شيخهم «النجفي» وأنه طلب منه أن يُحْضرِني معه. فقلتُ له: لقد رآني ذلك الشيخ ولم يلتفت لي فضلاً عن أن يخبرني بدعوتك!
وذهب ذلك الشخص وكان يُقال له «حاجي آغا»، فأخذتُ أُفَكِّر في نفسي وأقول: إن شيخ ذلك المسجد رآني البارحة وعرف أنني غريبٌ وأنني أتيتُ القرية في ذلك البرد القارص وأنني من أهل العلم، وأنني بحاجة إلى الإفطار من الصوم، ورغم كل ذلك لم يكترث بي وتركني وحدي في البرد وذهب، وأغلب الظن أنه أدرك أنه لو أخذني معه إلى منزل الحاجي للإفطار، ودار حديث حول المسائل الدينية فاطَّلع مضيفنا على أنني من أهل العلم أيضاً وأنني جئت للدعوة والتبليغ، لدعاني ذلك المُضيف إلى التوقف في القرية والوعظ فيها، ولتقاسمت مع الشيخ عندئذٍ مُهِمَّة الوعظ والإرشاد، وعندئذٍ لن يستطيع أن ينتفع من أهل القرية بشكل كامل وحده!
[18] جواد آباد: إحدى النواحي التابعة لـ«ورامين»، تقع إلى الجنوب منها بنحو سبعة أميال.