التضاد في العقيدة

فهرس الكتاب

2- إن الله بالصحابة رؤوف رحيم..

2- إن الله بالصحابة رؤوف رحيم..

قال الله تعالى: ﴿لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٖ مِّنۡهُمۡ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّهُۥ بِهِمۡ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١١٧

[التوبة:117]

ومن الطريف في هذه الآية؛ أن علماء الشيعة يقرون أنها نزلت في صحابة الرسول ج، لكنهم عادوا ليفسروها بطريقتهم الخاصة فقالوا: إن الإمام الصادق والإمام الرضا فسرا الآية، وقالا بأن المعنى الصحيح لقوله تعالى: ﴿لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ [التوبة:117]، هو: «لَقَدْ تَابَ‏ اللهُ بِالنَّبِيِّ عَلَى‏ الْـمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ...». ثم يبدأون في شرح الآية فيقولون: فقد كان الرسول ج معصومًا، فلم يرتكب ذنبًا ليتوب الله عليه[10]. ومن المستغرب كذلك أنهم يسمحون لأنفسهم أن يقرؤوا الآية بصورتها التي فسروها.

ودعنا نجاريهم فيما يقولون، فيخرج معنى الآية كالتالي: إذا كانت الآية لا تشمل الرسولج لأنه كان معصومًا لم يرتكب ذنبًا ليتوب الله عليه، لكنها - باعتراف منكم - تشمل الصحابة الذين ارتكبوا الذنوب فهل تنكرون ذلك؟!

إذن نستخرج من هذه الآية؛ بأن الله قد غفر للمهاجرين والأنصار الذين كادت تزيغ قلوبهم من شدة الحر وهول المعركة، وأنه تاب عليهم لأنه كان بهم رؤوفًا رحيمًا، هذا باعتراف منكم وبما نسبتموه إلى من تسمونهم أئمتكم المعصومين، وبتفسير علمائكم.

وقياسًا على ما ذهبتم في أن الآية لا تشمل الرسول ج، لأنه كان معصومًا لم يرتكب ذنبًا ليتوب الله عليه، لابد أنكم تخرجون سيدنا عليًّا كذلك من دائرة من تشملهم الآية، لأنكم تؤمنون بعصمته كذلك، فهو لم يكن مذنبًا ليتوب الله عليه، فالآية بهذا المعنى نزلت في سائر الصحابة دون علي ي.

بعد ما عرفنا بأن الله كان بالمؤمنين رؤوفًا ورحيمًا، وبعدما عرفنا بأن المهاجرين والأنصار كانوا مؤمنين، حان لنا أن نعرف؛ بأن هذه الآية نزلت في غزوة «تبوك» لما خرج المسلمون لقتال الروم، وقد كانت هذه الغزوة قبل أن ينتقل الرسول ج إلى الرفيق الأعلى بعام واحد، ويذكر المؤرخون وعلماء السيرة أن عدد الذين رافقوا الرسول ج من صحابته كانوا 30 ألف مجاهد، لا أربعة ولا عشرة أشخاص، وهل يعقل أن يخرج الرسول ج بجيش قوامه أربعة أشخاص أو عشرة ليقاتل الروم!!، من يصر على هذا فله ذلك، ولا نستطيع أن نقنعه بالأدلة والبراهين، ولا يستطيع التاريخ أن يتحدث أمام مثل هذه العقول التي تنكر الشمس في رابعة النهار! [10]- الاحتجاج على أهل اللجاج لأحمد بن على، الطبرسي، ج‏1 ؛ ص76 (مشهد، ط1، 1403 ق).