5- لم يخرجوا في قتال الروم..
قال الله تعالى: ﴿فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوٓاْ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّۗ قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّٗاۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ ٨١ فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلٗا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرٗا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ٨٢﴾ [التوبة:81-82].
نزلت هذه الآية في قتال الروم، فلم يكن المنافقون قد شاركوا في تبوك، وكان مع الرسولج يومئذ ثلاثون ألف مجاهد يفدونه بأرواحهم ويضعون نحورهم دون نحره، من بينهم هؤلاء الصحابة الكبار الذين تمتلئ قلوب الشيعة حقدًا وضغينة وغيظًا عليهم، ولا يمكن أن نعدهم من المنافقين بعد أن وصف الله ﻷ المنافقين بما وصف.
ومن الأوصاف التي وَصف اللهُ بها المؤمنين، كما في قوله تعالى: ﴿لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٨٨ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ٨٩﴾ [التوبة:88-89].
إذا كان للناس آذان يسمعون بها، وقلوب يفقهون بها، وصدور تنشرح للحق، فلابد أن يكونوا قد أدركوا في ضوء هذه الآيات البينات أن أعمال المنافقين كانت تمامًا على عكس ما كان يقوم به الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين-، ولم تتفق أعمالهم ولو مرة واحدة، فكانوا دومًا على خلاف ما كان يؤديه الصحابة الكرام.
ها نحن استمعنا لكلام الله ﻷ وعرفنا الحق من خلال آياته البينات واستشهدنا بها لبيان الحق المبين.
لكن من ختم الله على صدره وقلبه وركب عقله وهواه، سوف يتعصب لكلامه ويصر على عقيدته في أن منافقي المدينة لم يكونوا إلا صحابة الرسول ج، ونحن نعجز عن مناقشته، كما قال أحد أئمة الفقه الإسلامي: (ما ناقشت عالمًا إلا غلبته، وما ناقشني جاهل إلا غلبني).
لكننا نشير إلى أن أي إنسان يريد أن يتلاعب بالآيات القرآنية دون احترام للعقل والمنطق السليم، ودون احترام لعقول الناس يستطيع أن يقول كل ما يريد ويهوى، دون خوف من اللهﻷ، ويستطيع أن يطعم كلامه ببعض المفردات القرآنية.
وهذا الذي يزعمه القوم في أن القرآن قال: ﴿وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَٰفِقُونَۖ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ﴾ [التوبة: ١٠١]، إذن كل الصحابة منافقون، يشبه ما زعمه رجلان ادعيا النبوة، كان أحدهم يُدعى نصر الله والآخر فتح الله، ولما سألهما الناس عن دليل نبوتهما، قالا: القرآن الكريم! فاستغرب الناس وسألوا: كيف ذلك؟ قالوا: ألم تقرؤوا قول الله تعالى: ﴿إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١﴾ [النصر:1]، وها نحن نصر الله وفتح الله جئنا، ونحن أنبياءُ الله..
فما يستدل به القوم فيما يرمون به الصحابة من النفاق يشبه استدلال: فتح الله، ونصر الله!