(9) صفـــات المنافقـــيـن
يتجرأ بعض علماء الشيعة على شطب كل تلك الآيات البينات الواضحات بقولهم: لا يمكننا أن نصدق أن هذه الآيات نزلت في عمر أو أبي بكر أو غيرهما من الصحابة، لأن الله ﻷ يقول: ﴿وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَٰفِقُونَۖ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعۡلَمُهُمۡۖ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيۡنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٖ ١٠١﴾ [التوبة:101].
نرد على هذه الشبهة كذلك بتوفيق من الله ﻷ:
ارجعوا إلى القرآن الكريم، فستجدون:
أولاً: أن الآية التي سبقت هذه الآية تمدح المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان، فقد قال الله تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ١٠٠﴾ [التوبة:100].
ثانيًا: يقول المولى ﻷ: ﴿وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ﴾ [التوبة:101] ولم يقل: في المدينة كلهم منافقون ما عدا علي وأبوذر وسلمان ومقداد وبضعة أشخاص.
لكنكم كفرتم الجميع ورميتموهم بالنفاق، بداية من زوجات الرسول ج وأقاربه، إلى آخر رجل من عامة أهل المدينة.
لا يحق لنا أن نتطاول على أي إنسان أو نرميه بالكفر والنفاق إلا بالأدلة والبراهين الثابتة، وكيف لنا أن نرمي الصحابة الكرام بالنفاق ونطعن في إيمانهم ونشك في نزاهتهم دون أي دليل، ولأن تقولوا أن هذه الآية أو تلك تشمل فلانًا أو علانًا أو تشمل الصحابة كلهم لابد أن تقدموا أدلة تثبت كلامكم..
لكن إذا تركنا الناس يتلاعبون في النصوص، وكل يقول فيها ما يشتهيه ويتبع فيها هواه، يخرج جاهل مثلكم ويركب دليلكم «في أن أهل المدينة كلهم كانوا منافقين»، ويقول بما قلتم ويزيد - والعياذ بالله - ويقول: وبما أن عليًّا كان في المدينة فتشمله الآية، ومن ثم يرميه بالنفاق - تمامًا مثل صنيعكم - فهل تقبلون استدلاله وتوافقونه على رأيه؟!
وأفضل الحلول قبل أن نرمي زيدًا أو عمْرًا بالنفاق هو: أن نكشف الستر عن صفات المنافقين وأهدافهم، ثم نرى هل تنطبق هذه الصفات على الصحابة أم لا..
هذا هو أفضل الحلول الذي يرضى به العقل السليم والمنطق القويم، وإلا فيقول من يشاء ما يشاء، ويتهم أهل الأهواء من يريدونه بما يريدونه، ولا يبقى لأحد احترام ولا قداسة، ولا يسلم أحد مما تتفوه به ألسنتهم.
تعالوا لننظر إلى صفات المنافقين، لا من وجهة نظرنا نحن، بل من خلال ما وصفهم بها القرآن الكريم، فالله ﻷ أدرى بمن خلق: