التضاد في العقيدة

فهرس الكتاب

4. أولئك هم الراشدون..

4. أولئك هم الراشدون..

قال الله تعالى: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ يُطِيعُكُمۡ فِي كَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّٰشِدُونَ ٧ [الحجرات:7].

هذه الآية كشفت لنا بأن الله ربى المؤمنين الذين رافقوا الرسول ج، وكان النبي ج يعيش بين ظهرانيهم، وأنه أعدهم لصحبة رسوله الكريم ج، فحبَّب إليهم الإيمان وزيَّنه في قلوبهم وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، ثم جعلهم مثال الرشد والهداية ﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّٰشِدُونَ ٧ [الحجرات:7].

وحق لهم أن يكونوا من الراشدين، ويصبح الرشد والصلاح منهج حياتهم ما بقوا على وجه الأرض، فالإنسان الذي زُيِّن في قلبه الإيمان وكُرِّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، لن يميل إلى ما يكرهه من المعاصي. وماذا عسى أن يمنعه من فعل الخيرات والطاعات وهو يجد هواه تجاه الخير - لأن الإيمان حُبِّبَ إلى قلبه - ولا مانع يمنعه من عمل الخير؟

أجل، يوسوس الشيطان في قلوب البشر فيزين لهم المعاصي والذنوب، لكن في ضوء الآية السابقة لم يقدر أن يعمل ذلك - على الأقل - في قلوب معظم الصحابة، وذلك لأن الله حبَّب إليهم الإيمان وزيَّنه في قلوبهم وجعلهم هم الراشدين السابقين في طريقهم إلى الإيمان..

فمن نصدق؟ أنصدق اللهَ الذي يقول في صحابة رسوله؛ بأنهم مؤمنون وأن قلوبهم امتلأت بحب الإيمان وزُينت بجماله وأنهم راشدون في طريقهم.. أم نصدق من يزعم؛ بأن الصحابة كانوا منافقين، وكانت قلوبهم وكرًا للكفر والنفاق وكانوا من الضالين؟!

لعل أحدهم يقول:

يا عم! اِهدأ، لماذا تتهمنا بكل هذه العنجهية والشدة، من قال لك إن هذه الآية نزلت في الصحابة؟

نقول في جوابه:

مطلع الآية الذي يقول: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِ [الحجرات:7]. من هنا نفهم أن الآية لا تعني إلا أصحاب الرسول ج.

أين كان يعيش الرسول ج؟ بين ظهراني مَنْ كان الرسول ج؟ أبيننا نحن أم بين كفار مكة، أم في الروم أو في فارس؟

لم يكن الرسول ج، لا هنا ولا هناك، فقد كان بين صحابته المؤمنين في المدينة المنورة، وقد كان المؤمنون في المدينة هم الأنصار الذين استقبلوا الرسول ج في مدينتهم ورحبوا به خير ترحيب، وفدوه بأنفسهم وأموالهم، والمهاجرون الذين رافقوا الرسول ج في هجرته.

فليس هناك أي شك، ولا أدنى ريب في أن الآية تخاطب هؤلاء المؤمنين..