تأمُّلٌ في آيات سورة الأحزاب
ابتدأت الآيات موضع البحث بتوجيه الخطاب بعبارة ﴿يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ﴾ وقالت:
﴿يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا ٣٠ ۞وَمَن يَقۡنُتۡ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا نُّؤۡتِهَآ أَجۡرَهَا مَرَّتَيۡنِ وَأَعۡتَدۡنَا لَهَا رِزۡقٗا كَرِيمٗا ٣١﴾ [الأحزاب: 30 - 31].
بعد ذلك، ولأجل بيان السبب في كون محاسبتهن تختلف عن محاسبة الآخرين (يضاعف لهن العذاب) خاطب الله تعالى مرة أخرى نساء النبي ص مبتدئًا بعبارة: ﴿يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ﴾ وقال: ﴿يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدٖ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيۡتُنَّ﴾.
وبعد هذه المقدمة قال تعالى: ﴿فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا ٣٢ وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ﴾.
وبهذا، أصبح من اللازم بيان السبب في توجيه هذه الأوامر مرَّةً ثانيةً إلى نساء النبي ص - مع أن هذه الأمور مطلوبة من جميع الناس - لذا وجَّه الله تعالى مرَّةً ثانيةً خطابه إلى نساء النبيص ليبين لماذا يُتَوقَّع منهن أن يعملن بهذه الأوامر ويجتبْن تلك النواهي، فقال مباشرةً[2]، مواصلاً الآية ذاتها - وليس في آية لاحقة منفصلة -:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا ٣٣﴾ [الأحزاب: 33]
[2]- أجمع المسلمون قاطبة في جميع مصاحفهم دون أدنى خلاف بأن ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ...﴾ جزء من الآية 33 وإكمال للجزء الأول منها، ولم يعتبره أحد أبدًا آية مستقلة أو جزءًا منفصلا عن صدر الآية!