على فرض صحة هذه الروايات
لو فرضنا أن هذه المجموعة من الروايات أيضًا تتمع بشروط الصحة جميعها، فإنها:
أولاً: لا تدل بأي وجه من الوجوه على أن نساء النبي ص لم يكنَّ أهل بيته.
ثانيًا: إن عمل النبي ص الذي قام بتلاوة آية التطهير بعد حثه عليًّا وأهله -عليهم السلام- على الصلاة، يدل على أن النبي ص كان يريد القول- في الواقع- انهضوا إلى الصلاة، لأن الله أراد من تشريعه للصلاة وأمركم بها أن يطهر نفوسكم، فصلوا كي تطهروا، بعبارة أخرى، كان النبيص يعتبر إقامة الصلاة من جملة العبادات والأوامر التشريعية.
ثالثًا: هذه الروايات تدل على أن علي ÷ وزوجته الكريمة حضرة الزهراء -عليها السلام- كان لهما بيت منفصل عن بيت رسول الله ص.
رابعًا: لا إشكال أبدًا في أن يعمِّم النبي ص معنى هذه الآية على أشخاص آخرين غير زوجاته، لأن الإرادة في تلك الآية – كما ذكرنا – إرادة تشريعية، والنبي ص أراد أن يذكر الغاية والهدف ذاته الذي بينته الآية للمُخاطَبين بها بالدرجة الأولى، لغيرهم من المكلفين أيضًا.
في الواقع، الاختلاف والتفاوت بين المخاطبين بالدرجة الأولى بتلك الآيات وسائر المُكلَّفين، هو أن العمل بمقتضى الآيات مُتوقَّع ومطلوب من المُخاطَبين بالدرجة الأولى بتلك الآيات على نحو أشد وأكثر تأكيدًا من توقع ذلك وطلبه وانتظاره من سائر الناس. وبعبارة أخرى، إن مسؤولية المخاطبين الأوائل بتلك الآيات أشد وأثقل، ولهذا السبب أيضًا ينتظرهم ثواب مضاعف إن عملوا بها وعقاب مضاعف إن تخلفوا عن العمل بها. وهذا لا يعني بأي وجه من الوجوه أن هدف الآيات منصرف ومستبعد عن سائر الناس، فلا مانع إذن من تعميم الآية على الآخرين.
وليت شعري! أي إشكالٍ فيما لو خاطب النبي ص بهذه الآيات عددًا من النساء أو الرجال وقال لهم: انهضوا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، واعملوا بأوامر الله، فالله يريد أن يطهركم بهذه الأعمال؟
وهل إذا فعل النبي ص ذلك يكون معناه أن نساء النبي ص لم يكن مخاطبات بآية التطهير؟
بناء على كل ما تقدم، وكما بينا، ليس في الأحاديث الواردة في هذا الباب أي دلالة على خروج نساء النبي ص من الخطاب بآية التطهير.