هل «الإرادة» في آية التطهير تشريعية أم تكوينية؟
بناء على ما تقدَّم، لا يوجد أي دليل يحملنا على اعتبار الإرادة في آية التطهير إرادة تكوينية، بل الادعاء بأن الإرادة الإلهية في الآية 33 من سورة الأحزاب إرادة تكوينية يستلزم قولنا بأنه كان هناك رجس في أهل البيت - والعياذ بالله-، وأن الله تعالى أراد إذهابه وتطهير «أهل البيت» منه! أي أنه لابد، في البداية أن نقبل بوجود الرجس حتى نستطيع أن ندعي بأن إرادة الله التكوينيَّة تعلقت بإذهابه، وإلا فلا معنى لتعلق إرادة الله التكوينية بإذهاب رجس معدوم لا وجود له! أما إذا اعتبرنا الإرادة إرادةً تشريعية فلن يكون لدينا أية مشكلة، إذ ثبت في علم «أصول الفقه» أن الأمر والنهي في الخطابات التشريعية لا يعنيان أبدًا أن المخاطب لم يكن يعمل بما يؤمر به أو كان يرتكب ما يُنهَى عنه!
فمثلاً لو قيل: صَلُّوا وعليكم بالصدق في كلامكم ولا تسرقوا، فليس معنى ذلك أن كل المسلمين كانوا لا يصلون وكانوا يكذبون أو كانوا يسرقون، لذا نجد في القرآن الكريم مخاطبة الله تعالى لنبيّه ص بقوله:
﴿...وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٥ وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ١٠٦﴾ [يونس: 105 - 106]
أو خطاب النبيص بأمر: «أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ».
ومن الواضح أن هذه الخطابات ليس معناها أن النبي ص كان من المشركين – والعياذ بالله- أو كان يدعو في عبادته من دون الله مالا ينفعه ولا يضره!! أو لم يكن يقيم الصلاة!! نعم، ويمكن قياس أمور أخرى على ذلك.