تأمُّلٌ في آيَةِ التَّطْهِير

فهرس الكتاب

هل تُعْتَبَر زوجة الرجل أهلُ بيته؟

هل تُعْتَبَر زوجة الرجل أهلُ بيته؟

نعود مرَّةً ثانيةً إلى الآية 73 من سورة هود، ونسأل كاتب الرسالة المحترم: أنتَ تقول إنك غير متأكد من أن المُخَاطَب في الآية هو زوجة إبراهيم ÷، كما أنك لا تعتبر النبي ص ذاته فردًا من مصاديق «أهل البيت»، وإذا أضفنا إلى ذلك أنه عند تلك البشارة لم يكن في بيت إبراهيم÷ أي ابن بعد[12]، فقل لنا بربِّك: إِذَن إلى من وُجِّه ذلك الخطاب القائل: ﴿رَحۡمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ؟!!

إن قلت: ربما كان هناك أفرادًا آخرون في منزل إبراهيم ÷ إضافةً إليه وإلى زوجته، وكان الخطاب موجَّهًا إلى أولئك الأشخاص!!

قلنا: حتى لو قبلنا بهذا الفرض الذي ليس هناك أي دليل عليه، فلا ريب أنه انطلاقًا من أسلوب الكلام الحكيم (أو الكلام المنطقي، على حدِّ قولكَ) عندما تبدأ الملائكة كلامها بإجابة زوجة النبي، فإنه من غير المعقول ولا المقبول أن تنصرف في وسط كلامها هذا وقبل إتمامه، عن مخاطبة تلك المرأة، وتقول كلامًا لا يتعلق بتلك المرأة، وليست المرأة أحد من مصاديقه على الإطلاق، أي لا يمكن أن تقول الملائكة: أيتها المرأة، أتتعجبين من أمر الله مع أن رحمت الله وبركاته تشمل أشخاصًا غيرك!! بالله عليكم، أي إجابة هذه تجيب بها الملائكةُ كلامَ المرأة؟! ولماذا تبتدئ أساسًا بمخاطبة المرأة في بداية هذه الإجابة؟! [التي لا علاقة للمرأة بها!!] إن كانت رحمة الله وبركاته لا تشمل المرأة، فإن كلام الملائكة لن يكون إجابةً للمرأة أصلاً!! وأساسًا: كيف يمكن للملائكة عندما تعجبت المرأة وضحكت أن تقوم [أي الملائكة] بالرد على الآخرين؟!

إن لم نعتبر زوجة إبراهيم ÷ من «أهل البيت»، لأصبح كلام الله تعالى - والعياذ بالله - مشوَّشًا مضطربًا، لأن زوجة إبراهيم تعجبت من إنجابها لولد رغم كبر سنها وبلوغها مرحلة اليأس، فما معنى أن تقول الملائكة لها: أيتها المرأة! هل تتعجبين من أمر الله؟ مع أن رحمة الله وبركاته عليكم (يا زيد وعمرو وبكر)؟!!

وفي سورة الأحزاب كذلك، ليس من المعقول ولا من المقبول أن ينصرف القرآن في وسط مخاطبته لنساء النبي ص، فجأةً وبدون سابقة، ودون ذكر للمخاطبين الجدد، ودون أن ينهي كلامه السابق، أن ينصرف بشكل كامل وتام عن خطاب النساء المذكورات - اللواتي كنَّ المُخاطبات في الجمل السابقة وهنَّ المُخاطبات في الجمل اللاحقة - ويوجه الكلام لأفراد آخرين تمامًا، ويقول لهم كلامًا لا علاقة له بنساء النبي ص ولا ارتباط لهنَّ به، ويخرج تلك النساء من شمولهن بهذا الخطاب المعترض!![13]

إننا نسأل كاتب الرسالة المحترم: ألستَ أنتَ من أهل بيت نفسك؟ أوليست زوجتك من أهل بيتك؟ هل أبناؤك وأحفادك وصهرك فقط هم أهل بيتك؟!!! حقًّا إننا نتساءل هل تأملت كلامك هذا جيدًا وتدبرته بشكل كافٍ؟!

[12]- لأن الملائكة إنما جاءت لتبشِّر إبراهيم بالولادة القريبة لابنه إسحاق. [13]- ولا ننسَ أن هذا القول يقدِّم مستمسكًا للذين يدَّعون أن نظم القرآن وترتيب آياته قد اختل - والعياذ بالله - مخالفين بذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ٩ [الحجر: 9]، إذْ يعتبرون أن جملة: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ..... قد تم نقلها من مكانها الصحيح إلى هذا المكان الذي ليس مكانها، لأن مثل هذه الطريقة من الكلام ليست من أساليب الكلام الحكيم. راجع هامش صفحة 77 من الكتاب الحاضر.