تأمُّلٌ في آيَةِ التَّطْهِير

فهرس الكتاب

معاني كلمة «أهل» في كتب اللغة

معاني كلمة «أهل» في كتب اللغة

دعونا نبحث الآن عن معنى كلمة «أهل» ومدلولها. وأفضل ما يمكن فعله في هذا الصدد الرجوع إلى كتب اللغة.

نقرأ في قاموس «المنجد» و«المعجم الوسيط» و «أقرب الموارد»: أَهَلَ وَتَأَهَّل = تزوَّج، شكَّل أسرةً لنفسه. آهل = صاحب العيال والزوجة. الأهل: الأقارب والعشيرة والزوجة. أهل الدار = سكنة الدار. أهل البلد والبيت = سكنة البلد وسكنة البيت.

وقال في «المصباح المنير»: «(أَهَلَ) الرَّجُلُ (يَأْهَلُ): إذا تزوَّج و(تَأَهَّلَ) كذلك. ويطلق (الأَهْلُ) على الزوجة و(الأَهْلُ) أهل البيت والأصل فيه القرابة».

وجاء في «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس: «أهل الرجل: زَوْجُه. والتأهُّل: التّزَوُّج. وأهْل الرّجُل أخصُّ النّاسِ به. وأهل البيت: سُكّانه».

ونقرأ في كتاب «معجم ألفاظ القرآن الكريم» تأليف «مجمع اللغة العربية» في مصر: «أهل يحدد معناه بما يُضاف إليه. أهل الرجل = زوجه وأسرته وأقرباؤه. أهل الدار= سكنة الدار».

وانطلاقًا من إبداء كاتب الرسالة المحترم وعدد من العلماء اهتمامًا خاصًّا بكتاب «لسان العرب»، عند بحثهم حول آية التطهير، سنورد فما يلي ما ذكره كتاب «لسان العرب» في هذا الأمر على نحو أكثر تفصيلاً.

يقول «ابن منظور»: «أَهْلُ الرجل عَشِيرتُه وذَوُو قُرْبَاه». ويقول كذلك: «وفي حديث أُم سلمة: ليس بكِ على أَهْلكِ هَوَانٌ، أَراد بالأَهْل نَفْسَه عليه السلام...».

لاحظوا أنه عندما يكون النبي ص أهل زوجته، فإن زوجته ستكون بالطبع أهله أيضًا.

ويواصل ابن منظور كلامه قائلاً: «وأَهْلُ الأَمر = وُلاتُه. وأَهْلُ البيت= سُكَّانه. وأَهل الرجل= أَخَصُّ الناس به. وأَهْلُ بيت النبي ص= أَزواجُه وبَناته وصِهْرُه، أَعني عليًّا ÷، وقيل: نساء النبي ص، والرجال الذين هم آله. وفي التنزيل العزيز: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ..».

ويقول ابن منظور أيضًا: «وأَهْل الرجل وأَهلته = زَوْجُهُ[17]. وأَهَلَ الرجلُ يَأْهِلُ ويَأْهُل أَهْلاً، وتَأَهَّل = تَزَوَّجَ».

ويمكننا أن نجد ما يشبه هذا الكلام أيضًا في «القاموس المحيط»[18].

لاحظوا أن «ابن منظور» شأنه في ذلك شأن سائر علماء اللغة يعتبر ساكني البيت: «أهل البيت» ويعتبر نساء النبي ص أيضًا من مصاديق أهل بيت النبيّ[19].

على ضوء ما رأيناه في كتب اللغة واستنادًا إلى أن كلمة «تأهَّل» تعني في اللغة العربية: تزوَّج؛ يتبيَّن بوضوح تام أن أقوى مصداق من مصاديق كلمة «أهل الرجل» وأوضحها هو زوجة الرجل. بناء على ذلك، لا عجب مطلقًا أن تُخاطب الآيات التي استخدمت كلمة «أزواج النبيّ» و«نساء النبي»، فجأةً عبارة «أهل البيت»، وأن يتبدَّل التصريح من «نساء النبيص» إلى «أهل البيت». لأن زوجة الرجل بلا أي شبهة هي أهل بيته أيضًا[20].

والأهم من كل ذلك، كلام القرآن الكريم الذي اعتبر زوجة «عمران» (= والد موسى÷) «أهل البيت» وقال: إن أخت موسى ÷ قالت لآل فرعون: ﴿هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰٓ أَهۡلِ بَيۡتٖ يَكۡفُلُونَهُۥ لَكُمۡ [القصص: 12]

ومقصودها من (أهل البيت) أم موسى÷ التي كانت تُعْتَبَر من «أهل بيت» عمران، والتي استلمت ابنها على أنها مرضعة ومربية له[21]. لاحظوا كيف أن امرأة البيت وزوجة الرجل تُعَدُّ من أهل بيته وأنها جُعِلَت مصداقًا لفعل الجمع المذكر «يَكْفُلُونَهُ».

[17]- واستُخْدِمَت كلمة «أهل» أيضًا بمعنى الزوج في كلمات الإمام علي القصار (رقم 420). [18]- وكتب السيد «أحمد سياح» أيضًا في كتابه «فرهنگ بزرگ جامع نوين» (معجم جامع نوين الكبير) «أهل البيت» = أهل المنزل وساكنوه. «أهل النبي» = أولاد النبي وصهره حضرة أمير المؤمنين ÷، أو نساء النبيّص. [19]- نذكِّر بالطبع أنه في الآية 73 من سورة هود لم تأت كلمة «أزواج» و «نساء النبي»، وفي حين كان المخاطب مفرداً مؤنثاً، تم استخدام التعبير «عليكم أهل البيت». [20]- كتب أخونا في الفقرة التاسعة من رسالته مشيرًا إلى كتاب «لسان العرب» يقول: «حتى في قواميس اللغة التي كتبها أهل السنة أنفسهم، تم تفسير عبارة «أَهْلِ البَيْتِ» بأنها تعني: (نساء النبي وبناته وصهره علي÷). (لسان العرب، ج1، ص 128)، وتم الاستناد في هذا الصدد إلى آية التطهير». ونحن أيضًا نقول: لحسن الحظ لم يأت في كتب اللغة الخاصة بالشيعة أي كلام سوى هذا الكلام ذاته أيضًا. وبالمناسبة إن كنتم تقبلون بما تقوله كتب اللغة فهذا من دعاوي مسرَّتنا، لأنه لن يكون هناك عندئذ أي خلاف بيننا. وذلك لأن كتب اللغة، كما رأينا، تعتبر نساء النبي ص أيضًا من مصاديق «أهل البيت»، وهو ما نقول به. ولكن طبقًا لما أوردتموه في رسالتكم فإنكم لا تقبلون بهذا القول، ولولا ذلك فنحن لا نختلف معكم بشأن شمول أهل البيت للآخرين. أضف إلى ذلك أن مؤلفا «القاموس المحيط»، و «لسان العرب» اعتبرا الصهرَ من مصاديق «أهل البيت». ونحن لا اعتراض لنا على هذا القول ولكننا لا ندري هل يقبل كاتب الرسالة هذا الرأي أم لا؟ لأنه في هذه الحالة عليه أن يعتبر «أبا العاص» و«عثمان بن عفَّان»، من «أهل البيت» أيضًا! [21]- كما قال القرآن الكريم أيضًا: ﴿فَرَدَدۡنَٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ... [القصص: 13].