سوانح الأيام - ايام من حياتي

فهرس الكتاب

رسالة أخرى إلى الخميني[196]

رسالة أخرى إلى الخميني[196]

باسمه تعالى

سماحة المرجع الأعلى حضرة الإمام الخميني مُدَّ ظلُّه العالي

بعد السلام والدعاء الخالص لكم:

أنا في السبعين من عمري، وكنت أتمنى دائماً أن تقوم الدولة الإسلامية والحكومة الإسلامية الأصيلة، وشاركت أربعين سنة في مجاهدة الباطل، وقد شاركت مع فدائيي الإسلام وآية الله الكاشاني في حث الناس على المشاركة (السياسية) وشاركت في المظاهرات و في التصويت للجمهورية الإسلامية، وقد قُتِلت مجموعة من أصحابنا خلال هجومهم على ثكنة جمشيدية العسكرية (التابعة للشاه)، وأصيب حفيدي عندما أُطلق عليه النار. لكنني اليوم، وبعد كل ذلك، لم أعد آمناً على روحي من خطر المتلبسين زوراً بلباس علماء الدين، فقد أكثروا عليّ من التهم والافتراء والتكفير.

وأنا أعني أولئك العلماء (الذين يسمون بالروحانيين) الذين خالفوا الدين باسم الدين، وأبادوا أهل الحق باسم الحق، ثم باسم علي ÷ يَعُدُّون أتباعه نواصبَ، وقد ضربوا بالعصي فدائيي الإسلام في المدرسة الفيضية بأمر السيد البروجردي، وصُلب المرحوم الحاج الشيخ: فضل الله نوري برضا خمسة عشر ألف شيخ منهم وصفَّقُوا لشنقه تحت المشنقة، كما صَلب اليهودُ المسيحَ في زعمهم.

وقد قلتم: إن السنة والشيعة إخوان، لكنني مع بعض أصحابي أخذنا منكم موعداً وجئنا إلى قم لزيارتكم، ولما رآني أصحابكم ادعوا أن البرقعي سني، ولم يسمحوا لنا بلقائكم في الموعد الذي أعطونا إياه. وأنا أعتبر نفسي شيعيَّاً حقيقيّاً، وأصحابكم الذين حولكم ليسوا أفضل من أصحاب رسول الله ص وأصحاب حضرة (علي ÷)، وهم خانوكم سابقاً ويخونونكم الآن بالتأكيد[197] إذْ كيف يسمحون لكبار اليهود والنصارى بزيارتكم ولا يسمحون لي؟!

في زمن الحكومة الطغيانية للشاه جاء رجال المخابرات مع رئيس البلدية ومعه صورة الشاه وأناس ممن حرضهم علي، وأخذوا مسجدي، ودخلوا داري، وقبضوا علي، وأفزعوا زوجتي حتى تُوُفِّيَت، وفي هذه الظروف جاءت الأوقاف بإمام ونصبته للإمامة في مسجدي، وذلك الإمام صار الآن رئيساً لما يُسمَّى بـ «لجنة الإمام الخميني».. بمعنى أن المقرب من الشاه صار مقرباً من الإمام، لكني بعد أن كنت إماماً لمسجدي مُدَّةَ سبع وعشرين عاماً، أصبحت الآن مُشَرَّداً لا مأوى أركن إليه، ولا أستطيع أن أذهب إلى منزلي في قم وهم يهددونني وابني بالقتل، علماً بأن ولدي سجن ثمان سنوات، وأخذوا مني تعهداً في السجن بعدم الذهاب إلى مسجدي وأن لا أحاضر فيه، ومنعوا كتبي، وحرّضوا قراء المراثي على سبي وشتمي في منابرهم، واتهموني بتهم كثيرة، ووصل الأمر إلى تكفيري وقيام كل جاهل بالكتابة في الرد عليّ وطباعة ذلك بإذن من إدارة الثقافة والتعليم، مع أني قد أعلنت أن من له أي إشكال عليّ فليُناظرني وأنا مستعد للمباحثة والمناقشة معه، ولكن لم يتقدم أحد منهم بشيء، وكل ما أدَّعيه موَثَّقٌ وعندي مستنداته.

والآن أنا في طهران ليس لي سكن، وأنا الآن مستعد في الحضور أمام محضركم الرفيع أو أمام اثنين من علماء الدين اللَذَيْن تختاروهما ممن لا يكون لهما تحامل عليّ أو غرض ضدّي، مثل الشيخين آية الله الطالقاني أو آية الله المنتظري، كي أثبت أمامكم أنه ليس في كتبي شيء سوى بيان حقائق الإسلام، ورد الخرافات والدعوة إلى الوحدة الإسلامية.

وإذا ثبت هذا ولم أعط حقي فأنا أنتظر ترافعنا غداً يوم القيامة في محكمة مالك يوم الدين، وأنتم مسئولون عن أي ظلم يحدث في الوقت الحاضر.

لقد بقيت أنا ومن معي ثلاث ساعات في میدان الحرب ضد حکومة الشاه والرصاص ينزل علینا ولم أر عالم دين غيري، واليوم نجد أن رجال الدين المُزوَّرين الذين كانوا مُنَعَّمين مُرْتَاحين زمن الشاه هم أنفسهم الآن مُنَعَّمُون مُكَرَّمون في هذا العهد! وأنا قد أكملتُ 70 سنة وكل يوم أبيت في بيت من بيوت أصحابي، وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت.

على كلٍ: أطلب منكم اللقاء والمقابلة لأبين لكم مظلمتي، وهذه سابع رسالة أرسلها إليكم بواسطة ابنتي.

عنوان منزل ولدي في قم مقابل حمام عشقعلىي. والسلام عليكم. رد المكاتبة كرد السلام. أنتظر الإجابة.

سيد أبو الفضل ابن الرضا البرقعي

13 /جمادى الأولى/ 1399

***

وبعد أن يئست من إصلاح الأمور عن طريق السيد الخميني ومن معه كففتُ عن تأييدهم، وأداءً للمسؤولية الشرعية بدأت أحارب البدع والانحرافات، والحقيقة أن الثورة في أول الأمر حتى تلك اللحظة لم تكن قد بدأت في تهديد الناس كما حدث بعد ذلك، وكانت توجد مساحة من الحرية، فنشرت بعض الجرائد مقالاتي، ولكن شيئاً فشيئاً بدؤوا بخنق الناس وكبتهم، وأوقفوا أكثر الجرائد غير الحكومية، والنتيجة: أنني لم أستطع أن أطبع أي بحث، ومراعاة للاختصار سأكتفي بذكر نماذج من المقالات التي نشرت في بعض الجرائد.

[196] انظر الوثيقة في الملحق رقم14 [197] قصد السيد البرقعي أنه إذا كان بعض أصحاب رسول الله ص (من المنافقين) قد خانوه، وبعض أصحاب الإمام علي (ع) و ولاته قد خانوه، كما هو معروف ومشهور، فليس من المستغرب أو المُسْتَبْعَد أن يخونك بعض أصحابُكَ. (المُحَقِّق)