بيان من البرقعي في أوائل الثورة عن ضرورة الوحدة والتضامن بين الناس ووعيهم
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان آية الله السيد أبي الفضل العلامة البرقعي عن ضرورة الوحدة والتضامن بين الناس ووعيهم:
لم يزل موضوع التضامن بين مسلمي العالَم واتِّحادهم هدفاً مهماً وحياتياً منذ صدر الإسلام الأول، ومنذ عهد خاتم النبيين ص وعهد أمير المؤمنين (علیه السلام) حتى هذا اليوم الذي نهض فيه المسلمون بزعامة الإمام الخميني. لقد بُذِلَتْ جهودٌ كثيرةٌ لتحقيق هذا الهدف الشريف طول أربعة عشر قرناً من حياة المسلمين المشرقة والباعثة على الفَخْر. وبحمد الله فقد أنتجت تلك الجهود نتائج حميدة، وقد وُجد في التاريخ بعض الرجال الذين رغم كونهم مخلصين إلا أنهم وقفوا -بسبب عدم إدراكهم الصحيح للأمور- موقفاً خاطئاً إزاء هذه الوحدة والتضامن بين المسلمين التي هي من أوامر القرآن الكريم الصريحة وهي منهج رسول الله ص، والأئمة الأطهار (ع) ومنهج جميع عظماء الإسلام، وللأسف حدث بسبب ذلك انقسامات كبيرة في الأمة استفاد منها المستعمرون والمستبدون والمخالفون في زيادة تفريق صفوف المسلمين، وإبادة الإسلام، ونهب ثروات الأمة، وكم من عدوّ متربص سعى لتأسيس هذه الخلافات، لكن الله تعالى أزهق تحركاتهم في نهاية المطاف؛ لأن الباطل كان زهوقاً.
وأنا قد اجتهدت طول حياتي من أجل الهدف المذكور (الوحدة) وبنية خالصة لعلي أرى تحقُّقَ هذا الهدف بعون الله وتوفيقه، والآن وقد وفَّق الله أبطالاً من إيران لإخراج الشاه الشرير من دولة إيران وبقيادة الإمام الخميني، فقد أقيمت دولة إسلامية مؤقتة في إيران لترتاح الرعية وتتنفس أخيراً.
فعلينا جميعاً أولاً: أن نعزِّز وحدتنا ونعمقها.
كما يجب علينا ثانياً: أن نحذر ممن يريد بنا القلاقل والتفريق، وعلينا أن نجعل قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103] نصب أعيننا.
ومعروف أن الذين قادوا الثورة يواجهون من يريد إفسادها، فينبغي أن نحفظ وحدتنا وتعاوننا تحت قيادة الإمام الخميني لإبادة بقايا الحزب الطاغوتي المنحط، ونلفت الأنظار إلى أهمية بيانات آية الله طالقاني التي نشرها في يوم ذکری الدكتور مصدق، ذلك الرجل المضحي الذي ناهض الاستعمار، فأوضاعنا اليوم حساسة، وينبغي ألا نغفل لحظة عن كيد الأعداء مع علمنا بقوله: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76]، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السيد أبو الفضل العلامة البرقعي/ شهر أسنفد[183] 1357 هـ. ش. [1978م] - طهران.
لكن لما شاهدت بنفسي كيف صار الاتصال والتباحث مع آية الله الخميني غير ممكن بكل الطرق سواء اللقاء المباشر أم عن طريق المكاتبة، ولما رأيت كيف يهمل الرد على الرسائل التي وصلته.. وكيف التف حوله المتعالمون عديمو الكفاءة الذين يحولون دون وصول آراء الناصحين، أيقنت أن التضييق سيرجع مرة أخرى أشد من عصر الشاه، وأن تبليغ الحقائق غير مرغوب به.
هنا يئست من هذا النظام الجديد.. لاسيما وأنني بدأت أرى سلوك هذه الحكومة المخالف للإسلام، وأداءً للمسؤولية بدأت أدافع عن الإسلام وأظهر الاعتراض على أعمالهم مشافهةً وكتابةً، وقد كتبتُ مقالات سجَّلْتُ فيها بعض المآخذ وأرسلتُها إلى جريدة كيهان بتاريخ (22/12/1357هـ.ش)[184] ولكن المسؤولين رفضوا نشرها، فاضطررت لطباعتها بنفسي ونشرها، وسأورد إن شاء الله نصوص بعضها في الصفحات التالية، لكن أرى من اللازم أن أتكلم حول الرسائل التي أرسلتها إلى السيد الخميني بطرق مختلفة.
[183] اسفند: الشهر الثاني عشر في السنة الشمسية وفقاً للتقويم الإيراني، ويقابله في السنة الشمسية الميلادية: الفترة من 21 شباط/فبراير إلى 20 آذار/مارس. (المُحَقِّق) [184] الموافق لـ 13/ آذار(مارس)، 1979 م. (المُحَقِّق)