من سجن إيفين إلى سجن (مدينة يزد)
نعود إلى موضوعنا.. بعد أن حبسوني مدة أربعة عشر شهراً طلبوني ثم قالوا لي: أنت تستحق الإعدام، ولكن لكونك شيخاً معمِّراً خُفِّف عنك الحكم إلى النفي مدة خمس عشرة سنة إلى مدينة «يزد»!! ولا بُدّ أن تأتي بكفيل حتى تذهب إلى مدينة «يَزْد». ولا أدري كيف حكموا عليّ بذلك بدون محاكمة، وبأي قانون فعلوا هذا؟!
وبلطف الله جاءني موظف يعمل مهندساً وكفلني فأطلقوا سراحي وقالوا لي: عليك أن تُحْضِر نفسك عند مدير شرطة يزد خلال أسبوع واحد، وأنا ظننت أنهم سيهيئون لي الأوضاع هناك ففرحت، ولما سألتهم: هل ستعطونني مسكناً في يزد؟ قالوا: لا، بل عليك أن تذهب وتهيئ لنفسك سكناً[288].
كان من الصعب عليّ مع فقري أن أستأجر بيتاً هناك، وكنت قد بعت منزلي الذي في قم وبقي عندي من ثمنه ثلاثمائة ألف تومان، فأخذت هذا المبلغ معي إلى يزد واستأجرت بيتاً على سبيل الرهن فلم يسمح أصحابه بأكثر من ثلاث ليالٍ، بعد ذلك وفي صبيحة يوم الأربعاء جاء مجموعة من الشرطة وأخذوني إلى السجن، ومن رحمة الله أن ولدي كان موجوداً فأحضر لي ملابس وبعض الأمور اللازمة، ولولا وجود ابني لما علم بي أحد، بعد ذلك تركوني في سجن يزد ثلاثة أشهر، وكان أسوأ من سجن (إيفين) بمراحل، وقد اشتد عليّ فيه أذاهم كثيراً، وكانوا يؤكدون أنه لا ذنب لهم فيما يفعلون لأنهم إنما ينفذون أوامر طهران، ولم يوجد من أعرفه في مدينة يزد، وحتى الطعام الذي كان يُقدم لي في غاية السوء، فكان ولدي يسافر كل أسبوع مرة واحدة من طهران إلى يزد ويقطع كل تلك المسافة الطويلة ويطلب الإذن للقائي في السجن، ولما طلبت منهم إعطائي رخصة خروج مؤقت من السجن طلبوا مني -وأنا ابن الثمانين عاماً ونيف والطاعن في السن- كفالة قدرها أربعة ملايين تومان، مع أن تأمين مثل هذا المبلغ كان بالنسبة لي في حكم المحال، مما يدل على تعنتهم وتحججهم كي لا يسمحوا لي بالخروج المؤقت. علماً أن الواجب على السلاطين ألا يشقوا على أهل العلم إلى هذا الحد بل أن يهيئوا لهم في مكان نفيهم مسكناً مفروشاً، ليعينوهم على الطاعة، لكن هذه الحكومة على العكس.. يسجنون العالم المعارض كأنه كافر محارب، ومن شدّة تضييقهم أنني كنت أتمنى أن يتركوني أمشي ساعة في ساحة السجن تحت الشمس، وأن أكتب رسالة واحدة طيلة ثلاثة أشهر ولكنهم كانوا يرفضون السماح لي بذلك.
وقد تتعجب إن قلت لك بأن رؤساء الجمهورية كانوا كثيراً ما يقولون في المذياع: «ليس لدينا سجناء رأي» ولعل سجني بسبب عقيدتي أكبر دليل على صدقهم!!
ينبغي أن أذكر أنني حينما كنت في سجن (إيفين) كتبت عدة رسائل إلى السيد الخميني إتماماً للحجة وأعطيتها لمسؤولي السجن ليوصلوها إليه، ولا أدري أأوصلوها أم لا؟ ولكنني لما كنت سجيناً في يزد كَتَبَتْ ابنتي رسالة إلى السيد الخميني، ثم أرسلتُ أنا رسالتين بعدها إلى السيد الخميني وخامنئي، وأنقل هنا هذه الرسائل الثلاث بنصها:
[288] انظر الوثيقة في الملحق رقم 22.