سوانح الأيام - ايام من حياتي

فهرس الكتاب

محاولات من أجل مناصحة السيد الخميني

محاولات من أجل مناصحة السيد الخميني

كما قلت سابقاً ذهبت مع بعض الإخوة الصادقين إلى قم لزيارة الإمام الخميني، ولكن المتكسِّبين بالدين منعونا وحالوا بيننا وبين لقائه، وبمُجرَّد رجوعي إلى طهران اتصلتُ بأخ صهر الإمام وهو السيد إشراقي، وطلبت منه أن يوصل رسالتي إلى يد الإمام، فقبل، فكتبتُ رسالةً وأعطيتها لولدي محمد حسين، فسلَّمَ رسالتي مع السيد أحمد المتبحري إلى السيد إشراقي، كي يوصلها إلى الإمام، فلم يردّ السيد الخميني بأي شيء، مع أنه يعرف أن رد المكاتبة كرد السلام.

كما سلمتُ رسالةً أخرى للأستاذ الفاضل السيد أحمد مفتي زاده[185]، وهو من علماء كردستان، وكان يذهب لزيارة الإمام، فقبل أيضاً، لكن مع الأسف لم يصل إليّ أي رد.

كذلك أرسلت رسائل أخرى عن طريق بعض الإخوة المعتمدين عند الإمام لكنها أيضاً كغيرها من غير جواب!

مرة أخرى.. أرسلتُ رسالةً إلى السيد الخميني عن طريق ابنتي، لأن ابنتي فاطمة زوجة الشيخ محمود أُميدي، كانت تسكن قبل الثورة في حي پامنار في طهران، وكانت السيدة ثقفي حماة السيد الخميني جارة لها في ذلك الحي طيلة سنوات عديدة، وكان بينهما روابط حميمة قوية، ولأنها - أي: أم زوجة السيد الخميني- في ذلك الوقت لم تكن تملك خط هاتف، كانت تستفيد من هاتف ابنتي، وكانتا تتزاوران، وکانتا معاً في أغلب الأحیان، وبينهما جيرة وصحبة قوية، وبين أولادهما روابط قوية وطيبة، وكان السيد أحمد الخميني[186] إذا أتى إلى طهران يأتي إلى منزل ابنتي لاستخدام الهاتف، وكان بيني وبين السيد ثقفي (حمو السيد الخميني) علاقة ودية، ولما كنت مبتلى بالخرافات كان يدعوني أحياناً أيضاً للمشاركة في الجلسات الدينية التي يقيمها فأشارك أحیاناً.

بناءً على تلك العلاقة سالفة الذكر كتبتُ رسالةً وأعطيتها لابنتي لتوصلها عن طريق زوجة السيد الخميني، فسافرت ابنتي إلى قم وذهَبَتْ إلى منزل السيد الخميني وأخبَرَتْهم أنها تحمل رسالة للسيد.. حينها كان السيد في الحمام فألحّت زوجة الإمام على ابنتي أن تكون معهم على الغداء، لكن ابنتي كانت مريضة فاعتذرت.. ولما خرج السيد الخميني من الحمام قالت زوجته لابنتي: اذهبي وأعطي الرسالة بنفسك إلى السيد، وفعلاً أعطته الرسالة وقالت: أرسلَ إليك البرقعي هذه الرسالة، فسأل فقال: أي برقعي؟! أجابت ابنتي: السيد أبو الفضل البرقعي، وعندما سمع اسمي أظهر السيد الخميني احتراماً كبيراً لابنتي وأخذ الرسالة وذهب بها، ورجعت ابنتي فودعت أهله، وقالت زوجته لابنتي: نحن سنأخذ جواب الرسالة من السيد ونأتيكم به في طهران.

وبعد فترة جاءت السيدة ثقفي (حَرَم السيد الخميني) إلى طهران، وزارت ابنتي، لكن لم يكن معها أي جواب سوى أنها قالت: قال السيد لما رأى رسالة والدكم: «إن السيد البرقعي مجتهد بنفسه وصاحب نظر، ولكنه لا يُحسن حفظ الناس حوله».

بهذا علمت أن الخميني توقف عن الإجابة عن مضامين رسائلي، ولم يُقدم على ذلك خوفاً من العوام!!

[185] الشيخ أحمد مفتي زاده الكردستاني، ولد في إيران سنة 1352هـ / 1933م، أسس (مكتب قرآن) واهتم باستقطاب الشباب وتربيتهم، واشتهر برحلاته بين المدن والقرى، دبرت له حكومة شاه إيران محاولة اغتيال ولكن لم تنجح، شارك في حشد الناس لتأييد ثورة الخميني تحت شعار (الإسلام المحمدي) ثم انقلب عليه الخميني بعد الثورة، فأودع السجن مع تلاميذه وإخوانه ثم أفرج عنه، وبعد ذلك شكل (مجلس شورى أهل السنة) فسجن وحكم عليه بخمس سنوات تعرض فيها للتعذيب حتى شارف على الهلاك، فخرج من السجن ومات في 2/ 9/ 1993م. [186] السيد أحمد الخميني الابن الأصغر للسيد الخميني، وتوفي بعده بخمس أو ست سنوات. (المُحَقِّق)