سوانح الأيام - ايام من حياتي

فهرس الكتاب

بيان آخر بعنوان حرمة الاستبداد في الإسلام

بيان آخر بعنوان حرمة الاستبداد في الإسلام

باسمه تعالى

«الاستبداد محرم في الإسلام»

ذكر القرآن بعض صفات المؤمنين في قوله تعالى: ﴿وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ [الشورى: 38]، ثم قال بعدها: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡبَغۡيُ هُمۡ يَنتَصِرُونَ ٣٩ [الشورى:39].

ينبغي للعلماء أن يتحدوا لرفع الظلم والاستبداد!

يجب على العلماء المسلمين وغيرهم أن يتحدوا في محاربة الظلم والجور بكل صوره وأشكاله؛ لأنه أمر مرفوض عند الجميع.

ومع أنني أحسن الظن برئاسة السید بازرگان، وكنتُ أُكِنُّ الوُدَّ للإمام الخميني ولآية الله الطالقاني لأنني درست معهما في فصل واحد وحوزة واحدة طيلة ثلاثين عاماً، إلا أنه يجب عليّ أن أذكر الحقائق لمصلحة الدولة والشعب، وأن أبيّن المفاسد، فأنا لم أتردد في البيان والتذكرة سابقاً ولاحقاً، وهذا هو الواجب.

وأقول: إنه لا ينبغي أن تتعارض مصادر اتخاذ القرار بعضها مع بعض، ولكن عدداً من ذوي المصالح والحواشي المتملقون الخرافيون يحولون دون إظهار الحقائق، ويخافون تنوير أفكار الناس، قال تعالى: ﴿وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ ٧٠ [المؤمنون:70].

ذنبنا أننا ندعو الناس إلى وحدة المسلمين، وأننا دعونا إلى نبذ سائر المذاهب والخرافات، والتمسك بأمر الله الذي هو الإسلام، وترك كل الأسماء إلا اسماً واحداً وهو (المسلمون)؛ لأن هذه الأسماء كانت ولا زالت سبباً للفرقة بين المسلمين، قال تعالى: ﴿إِنۡ هِيَ إِلَّآ أَسۡمَآءٞ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ [النجم:23].

وقد أدرَكَتْ دولةُ (الشاه) الطاغوتية السابقة أن كل ما أقوله مُضِرٌّ بها، وأن بقاء سلطتها قائم على التفرقة، استناداً إلى قاعدة "فرِّقْ تَسُدْ"، ولذلك افتَرَتْ عليّ آلاف التهم ورمتني بالبهتان، ونشرت تلك التهم بواسطة علماء المذهب لكي يُبعدوا الناس عني ويشوهوا سمعتي في نظر الناس، إلى درجة أنهم اتَّهموني بأنني من أعداء حضرة أمير المؤمنين علي ÷ مع أنني تابع حقيقي وصادق لحضرة أمير المؤمنين ولذلك كنت مثله مجتهداً وعاملاً (آكل من عمل يدي)، كل ذلك حتى يُنَفِّرُوا الناسَ مني فلا يقبلوا بعد ذلك ما أقوله من الحق.

واجبنا كما هو في القرآن: التعاون مع جميع العلماء وأهل الحل والعقد على مكافحة الظلم والجور، وكنا نريد أن نزور آية الله الخميني لكي نبيّن له المفاسد، فمنعني المقربون منه من الزيارة خوفاً على أنفسهم، والآن يهددونني بكل خيانة مع أني شاركت في جميع المظاهرات ضد الشاه الطاغوت، وقد أصيب حفيدي «محسن» بالرصاص مع مجموعة من الأصحاب، وقتلوا زوجتي[212]، والآن يكفرني كل من وضع عمامة على رأسه مع أنه لا يعلم من أصول دينه شيئاً، اللهم أنت حسبي يا قاصم الجبارين ويا عالماً بالسبابين!

هل هؤلاء مسلمون؟! هل أمر الإسلام بالسب والشتم؟!

أحب أن أعلن لكل الفئات من العلماء -وخاصة طلبة العلم- أن مراجع كبار الشيعة الجعفرية اليوم طبعت كتاباً جديداً، وادَّعت فيه أن العالم الفقيد المرحوم الدكتور علي شريعتي ضال، وعدّت تآليفه كُتُبَ ضَلالَة.

وانظر إلى حال هؤلاء الذين يُكَفِّرون رجلاً مسلماً شهيداً[213]! فماذا نتوقع منهم إلا مثل هذا الظلم والاستبداد، مع أنه لولا الخطب والكتب التي ألفها وألقاها المرحوم الدكتور شريعتي لما استيقظ طلاب الجامعات الذين هم الأساس الحقيقي للثورة الإيرانية ولإسقاط الحكم الطاغوتي، والمرجع الذي يحرّم تفسير القرآن بدعوى الفتنة، ماذا أتوقع منه؟! أنا رجل مجتهد لا آكل باسم الدين، بل أقنع بما أجد؛ فلماذا يخافون مني؟! ولماذا يمنعوني من إظهار الحق ومن الخطابة؟! ولماذا يفترون عليّ أنواع التهم والبهتان؟!

نرجو من شعبنا في هذا الوقت الحساس أن يقف ضد الظالمين والطغاة.

(ثلاثة أبيات من الشعر بالفارسية وترجمتها كما يلي):
شرط إصلاح العالم من هذا الفساد كفوا عن هذا الظلم والجور والنفاق
قوموا بتوعية الناس وتعليمهم طريق الحق
الاتحاد ثم الاتحاد ثم الاتحاد
واتحدوا في طريق الحق
ولا تُضلُّوا الناس بفتاويكم

أيها المثقفون! أيها المصلحون! أيها الشباب العالمون! نطلب منكم الحكم والنصرة لا تدعوا هذا الشعب يُصاب باليأس ويفقد الأمل، لا تدعوا صورة الإسلام تتشوه. ولا تدعوا الخرافيين يُسقطون راية الحق والحرية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأحقر: السيد أبو الفضل العلامة البرقعي

على كل حال: كان تلك نماذج لبعض البيانات (المنشورات) التي كتبتها في بداية الجمهورية المسمّاة بالإسلامية، وأما ما كتبت قبل نجاح انتصار نظام الجمهورية الإسلامية-أعني وقت تحرك الناس وقبله- فكثيرة جداً، ونُشر كثيرٌ منها.

***

[212] كما قلنا قبل هذا إن زوجتي قد مرضت على إثر أذى الخرافيين قبل الثورة وإرهاقهم الشديد لنا، وتوفيت بعد ذلك. (برقعي). [213] أشیر إلی كتيب طبع في عشرین صفحة يتضمن فتاوی مجموعة من المراجع منهم: العلامة الطباطبائي والنجفي مرعشي والخوئي ومحمد صادق الروحاني والمیلاني وعبد الله الشیرازي وغیرهم ممن أظهروا مخالفتهم لکتب الدکتور شریعتي، وبعض هؤلاء العلماء حرّموا بیع وشراء کتب شریعتي.(برقعي)