سوانح الأيام - ايام من حياتي

فهرس الكتاب

رحلات التوعية

في هذه السنوات- وكان عمري أربعين أو أكثر قليلاً- كنت قد بدأت ببيان الحقائق في مسجد حي وزير دفتر، كما كنت أستغل الأسفار والمنابر لذلك، ومرة من المرات أردت السفر إلى الهند فذهبت إلى شيراز[63]، ولما وصلت إلى مدينة آباده[64] كان الوقت في أول الغروب والجو بارد، فذهب الناس ليأكلوا ويتدفؤوا في المقهى، وذهبت إلى المسجد المجاور للصلاة، وبعد الصلاة رأيت جمعاً من الناس ينتظرون أحد الوعاظ قالوا بأنه سيأتيهم من مدينة إقليد[65] وقد تأخر عليهم، فاغتنمت الفرصة، وصعدت المنبر وبدأت في بيان بعض معاني التوحيد، واختصرت الخطبة حتى لا أتأخر عن الحافلة، ثم خرجت من المسجد بسرعة، وشاهدت المسافرين قد ركبوا الحافلة وهي تتهيأ للحركة فركبت الحافلة وتحركت مباشرة.

أعجب الذين سمعوا موعظتي في المسجد بكلامي، وقالوا: ينبغي أن ندعو هذا السيد كي يعظنا في هذه الليالي، فخرجوا خلفي فلم يجدوا لي أثراً، فلم يعرفوا هل صعد هذا الشخص إلى السماء أم اختفی في الأرض؟! فتعجب الناس وقالوا: لا محالة بأن هذا السيد الذي تكلم بأحسن الكلمات هو إمام الزمان (المهدي)، ثم بدؤوا يبكون وينوحون ويتأسفون على فقدانهم هذه الفرصة الثمينة، ثم انتشر الخبر في النواحي والمدن المجاورة أن إمام الزمان زارهم في مدينتهم آباده.

ولما كنت في شيراز سمعت أن إمام الزمان وعظ الناس على منبر مسجد آباده في الليلة الفلانية ثم رحل! وقد طال بقائي في شيراز شهراً فلم أستطع التوجه إلى الهند ورجعت إلى طهران.

[63] شيراز: مدينة تقع في جنوب غرب إيران، وهي عاصمة محافظة فارس. [64] آباده: تقع جنوب مدينة شيراز، بينها وبين طهران 450 ميلاً تقريباً. [65] إقليد: منطقة جبلية تقع شمالي محافظة فارس.