رسالة أخرى من أبي الفضل البرقعي إلى الخميني[295]
باسمه تعالى
هذه رسالة من سجين مجتهد مُعَمّر قد أنهكه المرض إلى رؤساء السجن، وإلى رئيس الجمهورية مدّعي إقامة العدل وأحكام الإسلام.. یقول (بيتان من الشعر بالفارسية) ترجمتهما:
(إذا کان الإسلام هو ما كتبه الشاعر حافظ، فالویل قريب.
إذا كان الإسلام هو هذا المنتشر في إيران اليوم، فلا خوف من مجوسي ولا من راهب نصراني).
أنتم تدّعون بأن منهج جمهوريتكم هو الحرية والإسلام، ولكنكم أمسكتم المسلم الذي نصح لكم وسجنتموه وعاملتموه بجفاء، فإن كان هذا الناصح كتب الحق في كتبه ونبّهكم عليه فالمفترض عليكم أن تساعدوه وأن تنشروا كتبه، لا أن تمنعوها وتسجنوه، وإن كان هذا الرجل كتب باطلاً فاتركوه حتى يفتضح ويظهر كذبه عند العامَّة والخاصَّة.. واقتدوا بمنهج القرآن: ﴿أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَآءَكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن يَكُ كَٰذِبٗا فَعَلَيۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن يَكُ صَادِقٗا يُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ كَذَّابٞ ٢٨ يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ﴾ [غافر:29] إلى قوله: ﴿يَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُم مِّثۡلَ يَوۡمِ ٱلۡأَحۡزَابِ ٣٠﴾ [غافر: 30] إلى آخر الآيات.
ويقول تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ ١٤﴾ [يونس: 14].
أيها السيد، اعلم أن الله تعالى قد أورثكم سلطان من قبلكم من الظالمين، واستخلفكم بعد الجبارين؛ لكي ينظر ماذا تفعلون، قال تعالى: ﴿لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ﴾ [يونس: 14]، وكم تحدث المدلسون المتعالون في حكومتكم في محاضراتهم في حفل مؤتمرات الوحدة الإسلامية فسمعناهم وهم يدعون إلى الوحدة، فأي وحدة وأي حرية وأي إسلام هذا الذي يظنون أنهم سيخادعون به العقلاء؟! ألم تمنعوا كتبي وسجنتموني بدعوى أنها تؤيد مذهب أهل السنة؟! هل هذه هي الوحدة مع أهل السنة؟! وهل هذه هي حرية البيان والطباعة والنشر؟! بل أين هذا من الإسلام المحمدي الذي تغنَّيتم به؟!
وأقول في الخاتمة: لقد بشرني السيد البصيري بإطلاق سراحي ولم يفِ بقوله، فأين الوفاء بالوعود؟ تعالوا نتأمل في هذا الشعر: (عدة أبيات من الشعر بالفارسية فيا يلي ترجمتها):
إن النعمة والدولة في أيديكم اليوم، ولكن اعلموا بأن الله يحوّلها من يد إلى يد!
أما سجينكم فيقول: مرت أيام العمر سريعة كهواء في الصحراء.
ومضت بما فيها من حلاوة ومرارة.. وفرح ترح.
نسي الظالم جنايته علينا.. سيبقى على رقبته ويمضي عنا.
ألا تخافون يوم الحساب.. بأي شرع تأخذون شيخاً مريضاً يناهز التسعين من عمره، وتهلكونه بطول الاعتقال، فأعدوا أنفسكم لمخاصمته يوم القيامة يوم تبلى السرائر.
***
[295] انظر الوثيقة في الملحق رقم 24.