من محاسن الإسلام[111]
يعجز القلم عن الإحاطة بمحاسن الإسلام، وتضعف العبارة عن الوفاء بذكر فضائل هذا الدين؛ وما ذاك إلا لأن هذا الدين هو دين الله سبحانه وتعالى، فكما لا يحيط البصر بالله إدراكاً، ولا يحيط به البشر علماً، فكذلك شرعه سبحانه لا يحيط القلم به وصفاً. وقد قال ابن القيم رحمه الله: (وإذا تأملت الحكمة الباهرة في هذا الدين القويم، والملة الحنيفية، والشريعة المحمدية التي لا تنال العبارة كمالها، ولا يدرك الوصف حسنها، ولا تقترح عقول العقلاء - ولو اجتمعت وكانت على أكمل رجل منهم -فوقها، وحسب العقول الكاملة الفاضلة أن أدركت حسنها، وشهدت بفضلها، وأنه ما طرق العالم شريعة أكمل ولا أجل ولا أعظم منها.. ولو لم يأت الرسول ببرهان عليها لكفى بها برهاناً وآية وشاهداً على أنها من عند الله، وكلها شاهدة بكمال العلم، وكمال الحكمة، وسعة الرحمة والبر والإحسان، والإحاطة بالغيب والشهادة، والعلم بالمبادئ والعواقب، وأنها من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عباده، فما أنعم عليهم بنعمة أجل من أنه هداهم لها، وجعلهم من أهلها، وممن ارتضاهم لها؛ فلهذا امتن على عباده بأن هداهم لها قال تعالى: ﴿لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ١٦٤﴾ [آل عمران: 164]، وقال معرفاً لعباده ومذكراً عظيم نعمته عليهم، مستدعياً منهم شكره على أن جعلهم من أهلها: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ﴾ [المائدة: 3][112].
ومن شكر الله علينا بهذا الدين أن نذكر طرفاً من محاسنه فنقول:
[111] لمزيد من التوسع في هذه الفقرة: انظر الدرة المختصرة في محاسن الدين الإسلامي، تأليف الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله، ومحاسن الإسلام، تأليف الشيخ عبدالعزيز السلمان. [112] مفتاح دار السعادة، جـ 1، ص 374-375.