الإسلام أصوله و مبادؤه

الرابع: الإيمان بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم

أن الله أرسل إلى خلقه رسلاً يبشرونهم بالنعيم إذا آمنوا بالله وصدقوا المرسلين، وينذرونهم العذاب إذا عصوا قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ﴾ [النحل: 36]، وقال جل ثناؤه: ﴿رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِ﴾ [النساء: 165].

وهؤلاء الرسل كثير أولهم نوح وآخرهم محمد ﷺ، ومنهم من أخبرنا الله عنهم كإبراهيم وموسى وعيسى وداود ويحيى وزكريا وصالح..، ومنهم من لم يذكر الله خبره قال تعالى: ﴿وَرُسُلٗا قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَ﴾ [النساء: 164].

وهؤلاء الرسل كلهم بشر مخلوقون لله، ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية نصيب، فلا يصرف لهم من العبادة أي جزء، ولا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، قال الله عن نوح -وهو أولهم- أنه قال لقومه: ﴿وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٞ﴾ [هود: 31]، وأمر الله تعالى آخرهم أن يقول: ﴿لَّآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ إِنِّي مَلَكٌ﴾ [الأنعام: 50]، وأن يقول: ﴿لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي نَفۡعٗا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ﴾ [الأعراف: 188].

فالأنبياء عبيد مكرمون، اصطفاهم الله وأكرمهم بالرسالة، ووصفهم بالعبودية، دينهم الإسلام، ولا يقبل الله ديناً سواه، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُ﴾ [آل عمران: 19]، اتفقت رسالاتهم في أصولها، وتنوعت شرائعهم قال تعالى: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗا﴾ [المائدة: 48]، وخاتمة هذه الشرائع شريعة محمد ﷺ، وهي ناسخة لكل شريعة سابقة، وأن رسالته خاتمة الرسالات، وهو خاتم المرسلين.

فمن آمن بنبي وجب عليه أن يؤمن بهم جميعاً، ومن كذب نبياً فقد كذبهم جميعاً؛ لأن جميع الأنبياء والمرسلين يدعون إلى الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولأن دينهم واحد، فالذي يفرق بينهم أو يؤمن ببعضهم ويكفر ببعض فقد كفر بهم جميعاً؛ لأن كلاً منهم يدعو إلى الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين[105]. قال تعالى: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦ﴾ [البقرة: 285]. وقال جل ثناؤه: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيَقُولُونَ نُؤۡمِنُ بِبَعۡضٖ وَنَكۡفُرُ بِبَعۡضٖ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا١٥٠﴾ [النساء: 150].

[105] ينظر العقيدة الصحيحة وما يضادها، ص 17، وعقيدة أهل السنة والجماعة، ص 25.