1- الأوضاع السياسية والاجتماعية
كانت إيران في بداية القرن الرابع عشر الهجري (نهاية القرن التاسع عشر الميلادي) تمرّ في الفترة الأخيرة من حكم سلسلة الملوك القاجاريين، وهي فترة ضعفت فيها الحكومة المركزية، وضعفت سلطة القانون في البلاد، وكان الملوك من آل قاجار منغمسون في ملذاتهم وشهواتهم، وانتشر المتمردون وعصاباتهم في طول البلاد وعرضها لاسيما في الأرياف والنواحي والمناطق البعيدة عن العاصمة، وكثرت أعمال السلب والنهب وقطع الطرق والهرج والمرج.
وفي بداية القرن العشرين الميلادي انطلقت الحركة المطالبة بالملكية الدستورية وتقييد سلطات الملك المطلقة وتحديدها بدستور جديد، وهي الحركة التي عرفت باسم «نهضت مشروطه» أي الثورة الدستورية، والتي نجحت في النهاية وبعد نضالات طويلة في إجبار الملك ناصر الدين شاه قاجار على إصدار مرسوم باعتماد الملكية الدستورية عام 1285هـ.ش (1324هـ.ق/1906م). وتم تدوين دستور جديد وأجريت انتخابات لتشكيل مجلس شورى وطني، لكن الملك محمد علي شاه قاجار الذي اعتلى العرش بعد مقتل أبيه غيلةً على يد أحد تلاميذ جمال الدين الأفغاني، انقلب على الثورة الدستورية وحاول القضاء عليها وعلى سائر مكتسبات الشعب وقصف المجلس النيابي بالمدفعية، لكنه فشل في الرجوع بعقارب الساعة إلى الوراء، إذ قاوم الشعب الذي نال حريته إجراءات «محمد علي شاه» وحارب الثوار قوات الدولة مدة عشرة أشهر، وانتهى الأمر بالشاه في نهاية المطاف إلى لجوئه إلى السفارة الروسية (27 جمادى الآخر 1327هـ.ق). واختار الثوار ابنه «أحمد ميرزا» ذي الثلاثة عشر عامًا وأجلسوه على سرير المُلْك وأوكلوا إلى عضد المُلْك الذي كان رئيس عشيرة القاجاريين منصب الوصاية على العرش والقيام مؤقتًا بمقام المَلِك.
وتوالت الأحداث بعد ذلك إلى أن قام رئيس الوزراء ووزير الدفاع رضا خان سنة 1343هـ.ق/ 1924م بانقلاب عسكري مدعوم من الإنجليز بل مدفوع مِنْ قِبَلِهم، تمَّ على إِثْرِهِ تنحية الملك الشاب أحمد شاه قاجار (حكم في الفترة 1288- 1304هـ.ش/ 1323- 1343هـ.ق)، وبذلك انقرض حكم الملوك من آل قاجار، ليبدأ حكم رضا خان الذي أطلق على نفسه الملك رضا شاه البهلوي، وعاد الاستبداد على أشده من جديد![3]
[3] يُنظر تفصيل هذه الوقائع في كتاب: الدكتور رضـا شـعباني، المنتخب من تاريخ إيران، طهران، معاونيَّة البحوث والتعليم التابعة لرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، بدون تاريخ، فصل: من الدولة القاجارية إلى الدولة البهلوية.