المصلح الديني الكبير آية الله شريعت سنكلجي - مؤسس المدرسة الإصلاحية التوحيدية في إيران

فهرس الكتاب

السيد أسد الله خرقاني والسيد جمال الدين الأفغاني

السيد أسد الله خرقاني والسيد جمال الدين الأفغاني

حضر شريعت سنكلجي دروس تفسير القرآن التي كان يلقيها السيد أسد الله خرقاني (ت 1355هـ)، وكان خرقاني من علماء الدين المتنورين المتجدِّدين، والمحيطين بثقافة العصر، ومن دعاة الإصلاح لاسيما إصلاح الفكر السياسي، وكان من نشطاء الحركة الدستورية، وكان من المهتمين بالعودة إلى القرآن وعلومه وتفسيره[31]. ومن أفكار السيد خرقاني الإصلاحية أنه كان يرى أن النظام السياسي الأمثل الذي يجب على المسلمين اتباعه هو ما كان عليه المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين من حكم شوري انتخابي تمثيلي شعبي قريب من الديمقراطية في إطار الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، وكان يعتبر عهد الراشدين العصر الذهبي للإسلام، وهذا يدل بوضوح على أنه لم يكن يرى صحة نظرية الإمامة الشيعية لأنها لا تنسجم مع تلك النظرة التي طرحها، فنظرية الإمامة عند الشيعة الاثني عشرية تطرح نظريةً في الحكم والنظام السياسي أقرب إلى نظام الحكم الثيوقراطي الذي يعطي للحاكم قداسةً ويعتبره ممثلاً لله على الأرض، ولا يربط شرعيته باختيار الشعب الحر أو ممثليه، بل بكونه نائبًا للإمام الغائب، كما أن نظرية الإمامة الاثني عشرية التي تقوم على النص المباشر من الله ورسوله على علي بن أبي طالب وبنيه حكامًا مفترضي الطاعة بعد النبي ص بلا فصل وإلى الأبد تستتبع بالطبع موقفًا سلبيًّا تمامًا من عهد الخلفاء الراشدين وحكم الثلاثة الأوائل منهم.

يقول الباحث سيد مقداد نبوي رضوي في دراسته حول جهود شريعت سنكلجي الفكرية، متحدثًا عن «خرقاني» بوصفه أحد منابع الأفكار الإصلاحية لسنكلجي:

«يمكننا أن نلاحظ نزعات الإصلاح الديني في كتابات ومؤلفات خرقاني. كان خرقاني يلقي دروسًا في تفسير القرآن، كان يطرح خلالها آراءه [الإصلاحية] على جمهور المستمعين، ومن جملة ذلك أنه كان يقول: «كل كلام خارج عن القرآن، مهما كان هذا الكلام وأيًّا كان قائله، يجب يُترك الخوض فيه، وأن تؤخذ جميع العقائد وأصول الدين من القرآن؛ كما فعل أصحاب السعادة، ولا علاج للأمة إلا بذلك»[32]. وكان يعتبر سياسة الخلفاء الأربعة الأوائل حتى سنة أربعين هجرية قائمة على السنة النبوية[33]، ويعتبر أن انحراف الحكم الإسلامي ومشاكل الحكام بدأت منذ عهد معاوية[34]، كما لم يكن يؤمن بالولاية التكوينية[35]، ولم يكن يعتقد بالإمام الحي الغائب![36]»[37].

إضافة إلى ما سبق، فإن خرقاني كان من أصحاب الشيخ هادي نجم آبادي ومن طلابه الفضلاء وخواص أصحابه[38]. كما أنه لما كان السيد جمال الدين الأفغاني مقيمًا في طهران كان خرقاني على صلة وثيقة به[39].

بناءً على ما تقدم، فإن شريعت سنكلجي تأثر عبر واسطة واحدة بكل من الشيخ هادي نجم آبادي والسيد جمال الدين الأفغاني.

[31] انظر: رسول جعفريان، جريانها وسازمان‌هاي مذهبي-سياسي إيران [التيارات والمنظمات الدينية-السياسية في إيران]، ص 1023 - 1030. [32] سيد أسد الله خرقاني، رساله متشابهات در قرآن [رسالة المتشابهات في القرآن]، ص 16. [33] سيد أسد الله خرقاني، روح تمدن وهويت اسلام [روح الحضارة وهوية الإسلام]، ص 25 و 26. [34] سيد أسد الله خرقاني، محو الموهوم و صحو المعلوم، ص 101 و 102. [35] المصدر نفسه، ص 32 - 33. [36] كتب سيد مقداد نبوي رضوي في حاشيته السفلية التي علقها على هذا المطلب: «سمع الأستاذ الدكتور محمد علي موحد هذا الأمر من بعض تلاميذ خرقاني، ونقله لي. كما أنني سمعت هذا الأمر عبر واسطة واحدة عن أحد تلاميذ خرقاني أنه سمعه يقول في بعض مجالسه: «لو كان عندي خمسون فدائيًّا، لأعلنت على رؤوس الأشهاد أنه لا يوجد ثمة إمام زمانٍ (المهدي الشيعي)!» [37] سيد مقداد نبوي رضوي، «نگاهى تحليلى به تكاپوهاى فكرى شريعت سنگلجى» [نظرة تحليلية إلى مجاهدات شريعت سنكلجي الفكرية]، مجلة «امامت پژوهى» [مباحث الإمامة] الفصلية، السنة الأولى، العدد 4، ص 268 - 269. [38] المصدر نفسه، ص 260، نقلاً عن: يحيى دولت آبادي، حياة يحيى، ص 59 - 60. [39] المصدر نفسه، ص 260، وذكر كاتب المقال مصادره لهذه المعلومة في الحاشية على النحو التالي: الميرزا محمد ناظم الإسلام كرماني، تاريخ بيدارى إيرانيان [تاريخ يقظة الإيرانيين]، ص 79 - 80؛ مرتضى مدرسي چهاردهى، سيد جمال الدين وانديشه‌هاى او [السيد جمال الدين وأفكاره]، ص 115 - 116؛ السيد محمد محيط الطباطبائي، سيد جمال الدين أسد آبادي وبيداري مشرق زمين [السيد جمال الدين أسد آبادي ويقظة الشرق]، ص 95.