المصلح الديني الكبير آية الله شريعت سنكلجي - مؤسس المدرسة الإصلاحية التوحيدية في إيران

فهرس الكتاب

كلمة حول مصادر «شريعـت» في هذا الكتاب واقتباس بعض فصوله من كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب

كلمة حول مصادر «شريعـت» في هذا الكتاب واقتباس بعض فصوله من كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب

في نهاية الكتاب ذكر «شريعت» قائمةً بمراجعه التي استفاد منها في تأليفه وهي 57 مرجعًا، والملفت أن أغلبها (حوالي الثلثين منها) من مراجع أهل السنة وتفاسيرهم (كتفاسير الطبري وابن كثير والفخر الرازي والبيضاوي والآلوسي.. الخ) أو كتبهم في العقائد (كالفَرْق بين الفِرَق للبغدادي والملل والنحل للشهرستاني والفِصَل في الملل والأهواء النحل لابن حزم) ومصادر الحديث لديهم (كصحيح البخاري وموطأ مالك وسنن أبي داود وسنن ابن ماجه)، بل لم يجد «شريعت» غضاضة في الإشارة إلى أن أحد مراجعه هو كتاب فتح المجيد (في شرح كتاب التوحيد) للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، وثلاثة من مؤلفات ابن القيِّم (تلميذ ابن تيمية) (هي: مدارج السالكين، وإعلام الموقعين، ومفتاح دار السعادة)، وكتاب سبل السلام، لمحمد بن إسماعيل الصنعاني.

وأقول، إن من قرأ «كتاب التوحيد حق الله على العبيد» للشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي (ت 1206هـ.ق)، وشرحه المُشار إليه «فتح المجيد»، يلاحظ بوضوح أنه يشكِّل فعلًا أحد المصادر الأساسية التي استفاد منها المؤلف «شريعت» في جزء كبير من كتابه «توحيد العبادة»، فهناك تطابق بين عناوين بعض فصول الكتابين، ككلام «شريعت» - مثلًا - في فصل: «من أنواع الشرك التبرُّك بشجرةٍ أو حَجَرٍ ونحوها»، أو ما ذكره حول التَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ وأنها شِرْكٌ في فصل «من أنواع الشرك لبس الخاتم أو الخيط وأمثالها لرفع البلاء أو دفعه»، أو ما ذكره في فصل «من الأنواع الأخرى للشرك: النذر لغـير الله»، أو فصل «في أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم الغلوّ في الأنبياء والصالحين» .....الخ.

يقول الباحث سيد مقداد نبوي رضوي:

«إن تأثر شريعت بتعاليم الوهابية أمر يقر به الموافقون له والمعارضون. فمقارنة فهرس كتاب «توحيد عبادت» (من مؤلفات شريعت الأساسية) بفهرس كتاب «التوحيد» (تأليف الشيخ محمد بن عبد الوهاب) يُظهر وجود تطابق كبير بين محتويات الكتابين. وقد أجاب «سنكلجي» عن اتهام أحد معارضيه له بأنه نقل كتابه «توحيد عبادت» من كتاب التوحيد [للشيخ محمد بن عبد الوهاب] بقوله: نعم، بعض أقسام كتابي نقلتُها من كتاب «التوحيد» ولكن ليس كل الكتاب[103].... وعلى هذا الأساس اعتبر بعضهم «شريعت سنكلجي» أول شخص نادى بالعقائد الوهابية في إيران وجمع حوله عددًا من المؤيدين لها»[104].

وأكرر ما ذكرتُه سابقًا من أن وصم الشيخ «شريعت» وأمثاله من المصلحين ودعاة التصحيح بأنهم «وهابيون» أو من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لا يعدو المناكفة والتنابز بالألقاب الناجم عن التعصب، فأولًا: لا يعني الاتفاق مع عالم أو داعية في بعض الأمور اتباعه وموافقته في كل الأمور الأخرى، ومن المقطوع به أن الشيخ شريعت كان صاحب منهج مستقل مُطَعَّمٍ بجذورٍ شيعيةٍ تختلف بالتأكيد مع آراء وعقائد الشيخ محمد بن عبدالوهاب في بعض الأمور. وثانيًا: لم يكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب صاحب دين أو مذهب خاص به، وإنما كان واحدًا من مشايخ أهل السنة، -وكابن تيمية وابن القيم ومن تابعهما- يتَّبِع الإمام أحمد بن حنبل ومدرسة أهل الحديث. وهذه المدرسة كانت موجودة قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهي باقية بعده.

[103] سيد مقداد نبوي رضوي، نگاهى تحليلي به تكاپوهاى شريعت سنگلجى [نظرة تحليلية إلى جهود شريعت سنكلجى الفكرية]، فصلنامه امامت پژوهى، [مجلة «مباحث الإمامة» الفصلية] السنة الأولى، العدد 4، ص 269، وقال سيد مقداد نبوي رضوي في الحاشية أن الذي وجه إلى شريعت ذلك الاتهام هو الحاج السيد روح الله كمالوند الذي أصبح فيما بعد من علماء الحوزة العلمية في قم المشهورين. وذكر أن الأستاذ عبد الحسين الحائري الرئيس الأسبق لمكتبة مجلس الشورى الإسلامي هو الذي سمع من الحاج السيد روح الله كمالوند ذلك الاعتراض والاتّهام ونقله له (أي للسيد مقداد نبوي رضوي). [104] هذا الرأي أعرب عنه نور الدين چهاردهي الذي كان يحضر دروس شريعت سنكلجي دون أن يكون من المعتقدين بأفكاره، وقد حصل على معلومات مهمة عن شريعت بفضل حضوره لدروسه. (انظر: نور الدين چهاردهي، وهابيت و ريشه‌هاى آن [الوهابية وجذورها]، ص 157).