توحيد العبادة

فهرس الكتاب

(2) الحقُّ تعالى جعل العبوديّة له، صفةً لأكمل خلقه وأفضل عباده

(2) الحقُّ تعالى جعل العبوديّة له، صفةً لأكمل خلقه وأفضل عباده

كما قال تعالى في شأن المسيح ÷: ﴿لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن يَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيَسۡتَكۡبِرۡ فَسَيَحۡشُرُهُمۡ إِلَيۡهِ جَمِيعٗا ١٧٢[النساء: 172]. وقال في آية أخرى تصريحاً وتعظيماً بكمال عبوديته: ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا عَبۡدٌ أَنۡعَمۡنَا عَلَيۡهِ [الزخرف: 59].

وقال أيضاً في حق الملائكة: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩ ٢٠٦ [الأعراف: 206].

وقال في شأن المؤمنين: ﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا [الفرقان: 63]، وقال أيضاً: ﴿عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا ٦ [الإنسان: 6].

وقال عن الأنبياء: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ ﴿وَٱذۡكُرۡ عِبَٰدَنَآ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ. في هذه الآيات مدح الله الأنبياء عليهم السلام بأشرف صفة لهم وهي العبودية لله سبحانه وتعالى، وقال عن سليمان ÷: ﴿نِعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ ٣٠ [ص: 30].

وقد وصف الله تعالى أفضل عباده، خاتم النبيين ص في أشرف المقامات وأرفع المنازل بصفة «العبودية» له سبحانه: ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا [البقرة: 23] ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ [الملك: 1] ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ [الكهف: 1]. ولما ذكر الله تعالى قيام النبي ص بدعوة الناس، شرّفه بوصفه بصفة العبودية، فقال: ﴿وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا ١٩ [الجن: 19]، كما أنه عز وجل لما ذكر قصة الإسراء، شرّف رسولهص بشرف العبودية له سبحانه، فقال: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا [الإسراء: 1].

وفي الحديث الصحيح عن النبيص أنه قال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى المَسِيْحَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»[59]. وفي حديث آخر أنه ص قال: «إنَّمَـا أَنَا عَبْدٌ، آكُلُ كَمَا یَأْكُلُ الْعَبِيْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا یجْلِسُ الْعَبِيْدُ»[60].

وكذلك جعل الله تعالى الأمن المطلق خاصاً بعباده المخلصين: ﴿يَٰعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ ٦٨ [الزخرف: 68] كما أن الله نزع سلطة الشيطان عن قلوب عباده: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ ٤٢ [الحجر: 42].

[59] انظر: «خلاصة عبقات الأنوار» للسيد حامد النقوي (ت 1306 هـ)، (قم: مؤسسة البعثة، 1405هـ)، ج3/ص 301. والحديث في مصادر أهل السنة؛ في صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، ح (3261)، ومسند أحمد (1/124) كلاهما عن عمر بن الخطاب رفعه. [المُصحح] وقد روى محمد بن محمد بن الأشعث (قرن 4 هـ) في كتابه «الأشعثيات» [ويُسَمَّى أيضاً «الجعفريات»] (ص 181): «بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ص: «لا تَرْفَعُونِي فَوْقَ حَقِّي، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَنِي عَبْداً قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَنِي نَبِيّاً». ورواه القطب الراوندي (573هـ) في النوادر (ص 16). ونقله المجلسي في بحار الأنوار، ج 25/ ص 265. [60] «دعائم الإسلام»، للقاضي أبو حنيفة النعمان التميمي (ت 363هـ)، 2/118، وبحار الأنوار للمجلسي، 16/242، ومستدرك الوسائل، لميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320هـ) ج16 ص228 ح19674. وفي مصادر أهل السنَّة: أخرجه أبو داود ح(3769)، والترمذي ح(1830)، وابن ماجه (3262)، والدارمي (2077) في سننهم، وأحمد في مسنده (4/308 و309). [المُصحح]