ترجمة المؤلف
اسمه: شريعت بن محمد حسن سنگلجي[1].
مولده: وُلد في مدينة طهران عاصمة إيران عام 1310هـ (الموافق لعام 1271 هجرية شمسية و 1892م) [2].
نشأته وتعلمه: والده هو الحاج الشيخ «حسن شريعت» وجدّه الحاج «رضا قلي»، كلاهما من علماء الدين وفقهاء الشرع المعروفين في عصرهم؛ وكان الشيخ المشهور فضل الله نوري[3] ابن عم والده. درس «شريعت سنگلجي» منذ نعومة أظفاره مقدّمات العلوم الشرعية عند والده الشيخ «حسن شريعت»، ثم دخل مدرسة الميرزا زكي -وهي من المدارس المعروفة بكثرة طلابها في طهران العاصمة في حي (سنگلج)-، تتلمذ على يد العلماء في بلدته، درس علوم الفقه عند الحاج الشيخ عبد النبي النوري (ت: 1344هـ)، والحكمة والفلسفة عند الميرزا حسن الكرمانشاهي (ت 1334) وأخذ علوم الباطن والعرفان (أي التصوف الفلسفي) على يد الميرزا هاشم الإشكوري (1332هـ)، كما تتلمذ على الشيخ علي النوري والشيخ فضل الله النوري (ت1330هـ).
في عام 1326هـ، رحل العلامة شريعت سنگلجي مع أخيه الشيخ محمد سنگلجي إلى النجف لإكمال دراسته الدينية، وتتلمذ هناك على كبارعلماء الحوزة العلمية في النجف مثل السيد ضياء الدين العراقي(ت 1361هـ)، وآية الله العلامة أبي الحسن الأصفهاني (ت 1365هـ).
بعد أن قضى حوالي أربع عشرة سنة في تحصيل العلوم الشرعية في النجف، عاد سنگلجي إلى طهران عام (1340هـ)، واشتغل بالوعظ والخطابة الدينية وهو في الثلاثين من عمره، فكان يلقي دروساً في ليالي الجمعة في مسجد والده الحاج الشيخ حسن سنگلجي، وفي الوقت ذاته كان يحضر مجلس دروس التفسير لآية الله العلامة السيد أسد الله الخرقاني (ت 1355هـ) وقد تأثر بمنهجه الإصلاحي التوحيدي.
اتسعت مجالس تدريس وخطابة الشيخ سنگلجي يوماً بعد يوم ولم يعد يتّسع لها مسجد حي «سنگلج» الصغير الذي أصبح مركزاً لتجمُّع الشباب المتدين والمثقف، واتخذ عنوان «دار التبليغ الإسلامي» وتحول إلى قاعة كبيرة، ثم انتقل نشاط دار التبليغ هذه إلى مكان يقع في شارع «فرهنگ» جنوب طهران.
نحى الشيخ «شريعت سنگلجي» منحى إصلاحي تجديدي في دروسه حتى يمكن اعتباره – كما يرى بعض الباحثين[4]- «مؤسّس المدرسة السلفية القرآنية الشيعية الحديثة» في إيران، فقد أكّد على أن التوحيد هو أساس الدين وركيزته، وأنه لا بد من العودة بالدين إلى نقائه الأول. ويمكن أن نستـنبط من خلال ما ذكره في مقدمة كتابه هذا الذي نقدم له - كتاب «توحيد العبادة» - أنه تأثر في هذا المجال بما رآه وقرأه من كتب عن التوحيد الخالص أثناء أدائه فريضة الحج مما يوزّع عادة في الحرمين في ذلك الموسم، فأثَّر ذلك في روحه تأثيراً عميقاً إلى درجة جعلته يرمي الخاتم - الذي كان يضعه في يده ليحفظه في البيادي والبحار! – في الصحراء وهو في الحافلة في طريقه من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ويستغفر الله عما كان مبتلى به مما رآه متنافياً مع التوحيد النقي الخالص، وأصبح لدى عودته إلى إيران من دعاة التوحيد الناصع، ونبذ كل شكل من أشكال الشرك والغلوّ والخرافات التي رأى أنها منتشرة بشكل كبير بين العوام والجهلة من أبناء قومه.
وقد كان للعلامة شريعت سنگلجي نشاط ثقافي بارز في عهد رضا خان البهلوي، وكانت جهوده منصبة على تجديد الدين في حياة الناس، وأما الجمهور الذي هلل لأفكار العلامة شريعت سنگلجي فهم المثقفون المتدينون الذين لم تعجبهم الخرافات السائدة في المذهب الشيعي الاثني عشري، وكانوا يتطلعون إلى صيغة دينية بعيدة عن الأساطير[5].
وقد تميز العلامة شريعت سنگلجي في وقته بتركيزه على تفسير القرآن الكريم وبيان ثوابته، وقد أحدث هذا الاتجاه أثراً حتى في أوساط بعض الرموز العلمية البارزة عند الشيعة الإمامية، ومن هؤلاء آية الله الطالقاني الذي اقترب كثيراً إلى القرآن، وهذا ما أكّده رسول جعفريان بقوله: (إن توجه آية الله الطالقاني كان من طريق سنگلجي وخرقاني وليس كما يقول البعض أنه متأثر بجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده)[6].
[1] حرف (گ) هو الحرف السابع والعشرون من الألفباء الفارسية، ويلفظ كالجيم المصرية، ولا يوجد هذا الحرف في اللغة العربية. (المعجم الذهبي490) [2] وقيل: 1308هـ (الموافق لعام 1269هـجرية شمسية و 1890م). [3] كان الشيخ فضل الله نوري من علماء الشيعة البارزين والمناضلين في إيران وكان في بداية الأمر من أنصار الثورة الدستورية فيها في مطلع القرن العشرين، لكنه لما رأى ما آلت إليه تلك الثورة من تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بالقوانين الوضعية أصبح من أشد المعارضين لها والمخالفين للديمقراطية الغربية، والمطالبين بتحكيم الشريعة الإسلامية في البلاد، وقد قبض عليه وحوكم بتهمة الخيانة ثم أعدم عام 1909م. انظر تذكرة الغافل وارشاد الجاهل تأليف فضل الله نوري. [4] انظر: حيدر حب الله، «نظرية السنة في الفكر الإمامي الشيعي، التَكَوُّن والصيرورة»، بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، 2006م، ص 612 فما بعد. [5] انظر كتاب (جريانها وسازمان هاي مذهبي سياسي ايران/أي: الحركات المذهبية والسياسية في إيران). تأليف: رسول جعفريان. من منشورات (مركز اسنا انقلاب اسلامي) صفحة 625-628. [6] انظر كتاب جريانها وسازمان هاي مذهبي سياسي ايران 628.