عبادة الحقِّ تعالى واجبة حتى الموت ولا تسقط أبداً
العبادة واجبة حتى الموت ولا يرتفع التكليف بها عن العباد [المكلفين] بأي وجه، والنص القرآني شاهد صريح على ذلك الأمر، قال تعالى: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ ٩٩﴾ [الحجر: 99]، واليقين هنا بمعنى الموت بإجماع المسلمين، وبدليل قوله تعالى على لسان أهل النار: ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ ٤٦ حَتَّىٰٓ أَتَىٰنَا ٱلۡيَقِينُ ٤٧﴾ [المدثر: 46-47]. كما يدل على ذلك أيضا الحديث الشريف المروي عن الرسول الكريم صحين قال عند موت عثمان بن مظعون: «أَمَّا عُثمان، فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ مِنْ رَبِّهِ»[61].
وحتى بعد الموت، هناك عبودية أخرى في البرزخ - حين يسأل الملكان عن عقيدة الميت- فالشخص مكلف بالإجابة عنها.
وهناك عبودية أخرى يوم القيامة، حيث يأمر الله تعالى الخلائق بالسجود، فيسجد المؤمنون ولا يقدر الكفار أن يسجدوا. ﴿يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ ٤٢ خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ ٤٣﴾ [القلم: 42]. أي أن الكفار لما فَوَّتُوا على أنفسهم فرصة الطاعة في الدنيا لم يعودوا أهلاً للسجود لِـلَّهِ ولم ينالوا في ذلك اليوم إلا الحسرة والندامة.
لكن إذا دخل عباد الله الصالحون دار الثواب، ودخل الكفار دار العقاب سقط التكليف، فتكون عبودية أهل الثواب هنالك هو التسبيح والتقديس بأنفاسهم، ولا يجدون عناءً ولا تعباً.
إذا علمنا ذلك، فإنه إذا ظنّ أحد أنه وصل إلى مقام سقط عنه التعبد والعبودية لله تعالى فقد كفر [بهذا الظن الفاسد] يقيناً! نعم، يمكن أن يُقال: إنه وصل في الحقيقة إلى مقام الكفر بالله، والانسلاخ عن الإنسانية فيسقط عنه التكليف، نعوذ بالله من غضب الله.
[61] انظر: صحيح البخاري: 29- كتاب الجنائز/3- باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه، ح (1186). وَمسند أحمد، 6/436.