توحيد العبادة

فهرس الكتاب

الأصل الرابع: في بيان حقيقة العبادة ومعنى العبودية

الأصل الرابع: في بيان حقيقة العبادة ومعنى العبودية

يقول الزمخشري في (الكشاف): «العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل... ولذلك لم تستعمل إلا في الخضوع للَّـهِ تعالى»[52].

ويقول محققو السلف: «العبادة هي غاية الحب مع شدَّة الخضوع وغاية التذلل والانقياد لله تعالى».

ولكن هذا المعنى [قد يكون] موجوداً أيضاً لدى العاشق المجازي تجاه معشوقه، الذي يَكِنُّ له غاية الحب ويبدي له شدة التذلل والخضوع. لذا فإن ما يقتضيه التحقيق، كما ذهب إليه بعض المحقِّقين، هو أن حقيقة العبادة هي غاية الحب ونهاية التذلُّل والخضوع أمام الرب جل وعلى، مع الاعتقاد والشعور بأن لهذا المعبود الحقيقي سلطان غيبيٌّ وحُكْمٌ نافذ فوق العلل والأسباب، فهو بسلطانه وقدرته التامة قادر على النَّفْع والضُرِّ، وعلى تغيير الأسباب وخلق أسباب أخرى، فهو مسبِّب الأسباب وميسِّر كلِّ الصعاب، وأنه المحيي والمميت والرزَّاق والشافي والكافي، وهو غياث المستغيثين ورحمةٌ للعالمين.

وعلى هذا، فإن كل دعاء وثناء يكون مصحوباً بهذا الاعتقاد والشعور بالمعنى الذي ذكرناه، فإنه عبادة.

وخلاصة الكلام، أن حقيقة العبادة هي الحب والذل، مع الاعتقاد بأن المحبوب هو خالق الأسباب، وأنه فوق الأسباب، وصاحب القدرة الكاملة. ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ ٦٢ [النمل: 62]

كلمة «لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» هي رأس العبادة، وأساس التوحيد. ولما قال الرسول الأكرم ص: «قُوْلُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ تُفْلِحُوا»، فإن المشركين -بوصفهم أهل اللغة [يدركون حقيقة معاني الكلمات ومراميها]-، لما سمعوا هذه الكلمة، علموا أنهم إذا قبلوا هذا الكلام فيلزمهم أن يتبرؤوا من كل معبود من دون الله، وأن لا يخضعوا ولا يتذللوا لأحد غير الله، وأن لا يسألوا حوائجهم من غيره تعالى، وعندها ارتفعت أصواتهم قائلين: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ ٥ وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ ٦ مَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ ٧ [ص: 5-7]

النتيجة:

أنك إذا عَلِمْتَ هذه الأصول الأربعة، فاعلم أن الأنبياء والرسل إنما بُعِثوا لدعوة العباد إلى إفراد الحق تعالى وحده بالعبادة، وليس من أجل أن يُثبتوا أن الله خالق الموجودات، لأن جميع المشركين كانوا يعترفون بذلك.

أن للعالم صانع اسمه الله، هو الذي أسكن أمواج البحار الهائجة [53]

ولهذا كان المشركون يقولون: ﴿أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ [الأعراف: 70]. فلم يكونوا ينكرون الله وعبادته أبداً، بل كانوا يعتقدون أنه يستحق العبادة، ولكنهم كانوا يعتقدون شركاء له في العبادة، يقول الله تعالى: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 22].

كان المشركون يقولون في تلبية الحج: (لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ إِلا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ)، لما سمع رسول الله ص هذه التلبية من المشركين قال: لو أنهم تركوا قولهم «إِلا شَرِيكًا هُوَ لَكَ» لكانوا موحدين[54].

فإذن من لوازم الشرك، أن يكون المشرك معترفاً بالله ومقراً بوجوده. ويقول الله تعالى أيضاً: ﴿أَيۡنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ[الأنعام: 22]. ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ[الأعراف: 195].

والحاصل، أن المشركين كانوا يعبدون الأصنام بخشوع وخضوع، وينذرون وينحرون ويذبحون لها معتقدين بأنها تقربهم إلى الله زُلفى، وأنها ستشفع لهم يوم القيامة[55]: ﴿وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ [یونس: 18].

يُفهم من هذا كله، أن التوحيد الذي جاء به الأنبياء والرسل هو توحيد العبادة.

ولقد كان المشركون على أنواع: منهم من كان يعبد الملائكة، ومنهم من كان يسأل حوائجهم من النجوم والكواكب والشمس، وبعضهم يعبدون الأصنام، وبعضهم يقدسون الأحجار؛ وجميعهم يلجؤون إلى هذه المعبودات في الشدائد والمصائب. فبعث الله تعالى خاتم النبيين ص، ليقول لهم إن كنتم تؤمنون بأن الله واحد في ربوبيته [أي أنه وحده الرب والخالق والرازق والمدبر]، فاعبدوه وحده، ولا تعبدوا غيره ولا تسألوا حوائجكم من غيره، وأذعنوا لحقيقة (لا إله إلا الله)، واعملوا بمقتضاها. ﴿لَهُۥ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم [الرعد: 14]. ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [المائدة: 23]‬. لأن العز والذل والغنى والفقر والرفعة والملك، كلها بيد الله. ﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٦ [آل‌عمران: 26].

وأمر اللهُ العبادَ أن يقولوا: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥ [الفاتحة: 5]. وبهذا نعلم أن من يستعين بغير الله فهو مشرك بلا شك.

ولا يتحقَّق إفراد الله تعالى بالعبادة إلا إذا توجَّه العبد بالدعاء و[كل أشكال] العبودية لله تعالى وحده، بحيث لا يدعو العبد في الشدة والرخاء إلا الله وحده، ولا يلجأ إلا إليه، ولا ينذر النذور ولا يذبح القرابين إلا لله وحده؛ فينبغي أن يكون جميع أنواع العبادات من الركوع والسجود والقيام تذللاً والطواف وغيره لذات الحق الدائم سبحانه فقط. وكل من قدم شيئاً من هذه الأعمال لمخلوقٍ حي أو ميّت، صنم أو مَلَك، أو جن أو حجر أو شجر أو قبر أو غيرها فهو مشرك. فكما أن إقرار المشركين بأن الله رب العالمين [وخالق الكائنات] لم ينقذهم عن الشرك، فكذلك مجرّد الاعتراف بالله سبحانه وتعالى وبخاتم النبيينص وبالأئمة الطاهرين عليهم السلام لا يُخرج الشخصَ عن الشرك إذا كان يقدم تلك العبادات لغير الله تعالى. قال رسول الله ص «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ. لاَ یَقْبَلُ اللهُ عَمَلاً شُورِكَ فِیْهِ غَیْرُهُ. وَلاَ یُؤْمِنُ بِهِ مَنْ عَبِدَ مَعَهُ غَیْرَهُ»[56].

وعليه، فالذي يعبد غير الله لا ينفعه اعترافه بوجود الله، لأنه قد ساوى بين المخلوق والخالق في الحب والعبادة وغيره، كما قال الله تعالى عن قول المشركين: ﴿تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٩٧ إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٨[الشعراء: 97-98]. رغم أن المشركين لم يساووا الرب بالخَلْق من جميع الجهات والحيثيَّات، ولم يعتقدوا أن الأصنام خالقةٌ للعالم، بل عبدوها فقط، واتخذوها شفعاء [تشفع لهم عند الله]، وسجدوا لها ونذروا لها النذور ونحروا لها القرابين، راجين منها الشفاعة والبركة، يقول الله تعالى: ﴿وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ ١٠٦ [یوسف: 106]. والمراد بهم في هذه الآية، مشركو مكة، الذين كانوا يقولون: ربنا الله، ثم جعلوا الملائكةَ بنات الله؛ ويدخل في الآية اليهود الذين كانوا يؤمنون بالله ولكنهم يقولون إن عُزَيْر ابن الله، والنصارى الذين آمنوا بالله ولكنهم جعلوا المسيح ابن الله.

لقد جعل الله تعالى الرياء في الطاعات شركاً، وسمّى المرائي مشركاً [57]، مع أن المرائي لا يعبد غير الله، ولكنه يريد بطاعته وعمله أن ينال منزلة ومكانة في قلوب الناس، بأن يقولوا فلان متديِّن. فخلط العبادات بقصد تحصيل الجاه والمنزلة في قلوب الناس شركٌ. قال تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ ٤ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ ٥ ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ ٦[الماعون: 4-6].

إن دلالة القرآن الكريم على أهمية التوحيد وخلو العبادة من الرياء واضح، ولكن نتعجب أشد العجب ونأسف كثيراً أن نرى جهّال ملة الإسلام وأمة التوحيد يروّجون جميع مظاهر الشرك باسم الإسلام؛ فهم اسماً موحدون مسلمون، وحقيقةً مشركون وثنيون. سبحان ربي! لهم أعين ترى وآذان تسمع ورغم ذلك فقد عميت قلوبهم؟ أنا في حيرة من الغشاوة التي جعلها الله على هذه الأعين[58] سبحان الله! ماذا حلَّ بعناء وجهود النبي ص وأئمة الدين (ع)؟ أين ذهبت تعاليم سيدالمرسلين؟ لقد أريقت دماء كثيرة حتى استقر التوحيد الخالص، فلماذا لا يهتم المسلمون بالحفاظ عليه؟ ولماذا لا يقرؤون كتاب الله وسيرة الرسول ص؟! إن الشرك الذي نهى عنه القرآن والسنة [وحارباه] قد انتشر بشكل بارز بين كثيرٍ من المسلمين: عبادة القبور، عبادة الأحجار، عبادة الأشجار، عبادة الشيوخ والمرشدين، التبرك بحجر موضع القدم والتبرك بمراكز السقاية والسبيل، والآلاف من أمثال هذه الأمور... يا أيها النبي، يا رحمةً للعالمين! يا أهل لا إلـه إلا الله! أيها البدريون! أيها الأُحديون! يا شهداء التوحيد! يا أئمة الدين ويا حملة القرآن! ارفعوا رؤوسكم من قبوركم وانظروا إلى حال المسلمين! انظروا مدى الانحطاط الذي وقع فيه العالم الإسلامي اليوم وأين وصل أمر التوحيد فيه! لقد أثَّر الجهل وانحطاط الأخلاق ونشأة البدع وانتشار الخرافات فيه تأثيراً أصبح من الصعب أن تتعرّفوا عليه إنْ رأيتموه!

﴿رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰتِحِينَ [الأعراف: 89].

[52] أبو القاسم جار الله محمود بن عمرو الزمخشري المعتزلي (المتوفى سنة 538هـ)، تفسير «الكشاف»، ذيل تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥ [الفاتحة: ٥]. [المُصحح] [53] جهان‌را صانعى باشد خدا نام كز او آشفته دریا گیرد آرام [54] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ ص: «وَيْلَكُمْ، قَدْ قَدْ» فَيَقُولُونَ: إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ، يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ. [صحيح مسلم، كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، ح(1185)]. [المُصحح] [55] الواقع أن المشركين لم يكونوا يؤمنون بيوم القيامة وإنما كانوا يرجون شفاعة أصنامهم لتيسير أمورهم وقضاء حاجاتهم الدنيوية. وإنكار المشركين للقيامة أمر معروف وتدل عليه عشرات آيات القرآن، مثل قوله تعالى: ﴿أَيَعِدُكُمۡ أَنَّكُمۡ إِذَا مِتُّمۡ وَكُنتُمۡ تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَنَّكُم مُّخۡرَجُونَ ٣٥ ۞هَيۡهَاتَ هَيۡهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ٣٦ إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ ٣٧ [المؤمنون : ٣٥-٣٧]، وقوله سبحانه: ﴿قَالُوٓاْ أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ ٨٢ لَقَدۡ وُعِدۡنَا نَحۡنُ وَءَابَآؤُنَا هَٰذَا مِن قَبۡلُ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٨٣ [المؤمنون: 82-83]، وقوله تعالى: ﴿بَلۡ عَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا شَيۡءٌ عَجِيبٌ ٢ أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗاۖ ذَٰلِكَ رَجۡعُۢ بَعِيدٞ ٣ [ق: ٢- ٣] وقوله تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ ٧٨ قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ ٧٩ [يس: ٧٨- ٧٩] ونحوها من الآيات الكثيرة. [المُصحح] [56] الحديث المشهور لدى الفريقين هو «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، فَمَنْ عَمِلَ عَمَلا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِي‏ءٌ فَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ». رواه المجلسيُّ في «بحار الأنوار» (ج69/ ص 282)، والطبرسي وغيره من المفـسرين الشيعة. وهو في مصادر السنة؛ في صحيح مسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، ح (2985)، بلفظ: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ». وكذلك في سنن الترمذي (3154)، وسنن ابن ماجه (4202) وغيرها. أما ما ذكره المؤلف في المتن فلم أجده بهذا السياق، لا في مصادر السنة ولا في مصادر الشيعة. علماً أن الجزء الثاني منه: «لا يقبل الله عملاً شورك فيه غيره...»، ذكره الواحدي في كتابه أسباب النزول، وبعض المفسرين بغير سند، بلفظ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَلَا يَقْبَلُ مَا شُورِكَ فِيهِ». وإن كان ما ذكره المؤلف، معناه صحيح. والله أعلم. [المُصحح] [57] روى الكُلَيْنِيّ في «الكافي» عن الإمام الصادق (÷) قوله: «كُلُّ رِيَاءٍ شِرْكٌ إِنَّهُ مَنْ عَمِلَ لِلنَّاسِ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى النَّاسِ ومَنْ عَمِلَ لِلَّهِ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ». وروى عَنْ جَرَّاحٍ الْـمَدَائِنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (÷) فِي قَوْلِ‏ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا ١١٠، قَالَ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الثَّوَابِ لا يَطْلُبُ بِهِ وَجْهَ اللَّـهِ إِنَّمَا يَطْلُبُ تَزْكِيَةَ النَّاسِ يَشْتَهِي أَنْ يُسْمِعَ بِهِ النَّاسَ فَهَذَا الَّذِي أَشْرَكَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ». [الكافي، باب الرياء، ح (3) و(4)، ج2/ص 293-294]. وفي مصادر أهل السنة، روى الإمام أحمد في المسند (4/125) بسنده عن شداد بن أوس (س) قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ»، فَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ عِنْدَ ذَلِكَ: أَفَلا يَعْمِدُ إِلَى مَا ابْتُغِيَ فِيهِ وَجْهُهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ كُلِّهِ فَيَقْبَلَ مَا خَلَصَ لَهُ وَيَدَعَ مَا يُشْرَكُ بِهِ؟؟ فَقَالَ شَدَّادٌ عِنْدَ ذَلِكَ: فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ أَنَا خَيْرُ قَسِيمٍ لِمَنْ أَشْرَكَ بِي مَنْ أَشْرَكَ بِي شَيْئًا فَإِنَّ حَشْدَهُ عَمَلَهُ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لِشَرِيكِهِ الَّذِي أَشْرَكَ بِهِ وَأَنَا عَنْهُ غَنِيٌّ». علق عليه شعيب الأرنؤوط قائلاً: إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب. قلتُ: وقد أخرجه الحاكم النيسابوري (405هـ) مختصراً في «المستدرك على الصحيحين»، تحقيق يوسف عبد الرحمن المرعشلي، ح (7938)، وسكت عنه الذهبي في التلخيص. [المُصحح] [58] چشم باز و گوش باز و این عمی حیرتم از چشم‌بندی خدا