توحيد العبادة

فهرس الكتاب

الأحكام التي وضعها الإسلام لحفظ التوحيد وسد باب عبادة القبور

الأحكام التي وضعها الإسلام لحفظ التوحيد وسد باب عبادة القبور

91- الأمر بتسطيح القبور: ذكر الشهيد الأول[188] في كتابه «الذكرى»[189] روايةً عن أبي الهياج الأسديّ قال: قال علي (÷): «أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رسولُ اللهِ ص أَنْ لا تَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلا سَوَّيْتَهُ وَلا تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ»[190].

ويقول الشهيد الأول في «الذكرى»[191]: «أن رسول الله صلى الله عليه وآله سطَّح قبر ابنه إبراهيم. وقال القاسم بن محمد: رأيت قبر النبي ص والشيخين عنده مسطحة... إن قبور المهاجرين والأنصار بالمدينة مسطحة».

2- وعن جابرٍ «نَهَى رسولُ اللهِ ص أَنْ يُجصَّصَ القبرُ أو يُبْنَى عليهِ أو أَنْ يُقْعَدَ عليه»[192].

3- وفي «من لا يحضره الفقيه» عن الإمام الكاظم أنه قال: «إِذَا دَخَلْتَ الْمَقَابِرَ فَطَأِ الْقُبُورَ، فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً اسْتَرْوَحَ إِلَى ذَلِكَ وَمَنْ كَانَ مُنَافِقاً وَجَدَ أَلَمَهُ»[193].

4- روى علي بن جعفر عن موسى بن جعفر أنه قال: «لا يَصْلُحُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ»[194].

5- لا يجوز تجديد القبر إذا خرب ولا تجصيصه، كما روى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «مَنْ جَدَّدَ قَبْراً أو مَثَّلَ مِثَالاً، فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الإسْلامِ»[195].

عن الصادق (ع) عن النبي ص أنه قال: «لا تَبْنُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلا تُصَوِّرُوا سُقُوفَ الْبُيُوتِ»[196].

6- نهى الإسلام عن العبادة والصلاة إلى القبور، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح المحقق والمسلَّم به لدى جميع أهل الإسلام ولا يتطرق الشك إلى صحته أبداً، أن الرسول الأكرم ص قال: «لا تَتَّخِذُوا قَبْرِي قِبْلَةً وَلا مَسْجِداً، فَإِنَّ اللَّهَ تعالى لَعَنَ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»[197].

كما نقل الشهيد الأول في «الذكرى» عن الإمام الصادق ÷[198] أنه قال: «لا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلا تُصَلُّوا إِلَيْهَا»[199].

وعَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِيهَا، فَقَالَ: «أَمَّا زِيَارَةُ الْقُبُورِ فَلا بَأْسَ بِهَا وَلا تُبْنَى عِنْدَهَا الْمَسَاجِدُ»[200].

وقد أجمَعَ الفقهاء على أن الصلاة نحو القبر أو فوق القبر مكروهة، بل إن «ابن بابويه» يعتبر الصلاةَ إلى القبر محرَّمةً. ويقول المحقق الثاني[201] في «جامع المقاصد»: إن الشيخ المفيد والشيخ الطوسي يقولان إن الصلاة في القبور مكروهةٌ مطلقاً حتى ولو كان القبرُ قبرَ الإمام ÷[202].

[188] الشهيد الأول، هو الفقيه الشيعي الإمامي محمد بن مكى العاملي النبطي الجزينى، شمس الدين المتوفى سنة (786هـ). أصله من النبطية (في بلاد عامل)، سكن (جزين) بلبنان. ورحل إلى العراق والحجاز ومصر ودمشق وفلسطين، وأخذ عن علمائها. وصار من أبرز فقهاء الإمامية في عصره. من أشهر كتبه «اللمعة الدمشقية» و«الذكرى» و«الرسالة الألفية». [المصحح] [189] الذكرى (1/67)، ولفظه: ما رواه أبو الهيهاج قال: قال علي ( ع ): «أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لاَ تَرَى قَبْرًا مُشْرِفًا إِلا سَوَّيْتَهُ وَلا تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ». [المصحح] [190] ورواه الشيخ الطوسي في «الخلاف»، (1/706 – 707)، وروى الكُلَيْنِيُّ في «الكافي» بسنده عن أبي عبدالله (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): «بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة فقال: لا تدع صورةً إلا محوتها، ولا قبراً إلا سويته». انظر: «وسائل الشيعة» للحر العاملي، (3 / 209 – 210). وحديث أبي الهياج الأسدي في مصادر أهل السنة، صحيح مسلم، كتاب الجنائز/ ح (969)، وسنن الترمذي، (3/366)، ح(1049) وسنن النسائي، (4/88)، ح(2031)، ومسند أحمد (1/96). [المصحح]. [191] الذكرى (1/67)، لفظه: «وليكن مسطحا بإجماعنا نقله الشيخ [الطوسي] لأن رسول الله صلى الله عليه وآله سطح قبر ابنه ابرهيم. وقال القاسم بن محمد: رأيت قبر النبي صلى الله عليه وآله والقبرين عنده مسطحة... ولأن قبور المهاجرين والأنصار بالمدينة مسطحة، وهو يدل على أنه أمر متعارف». وذكر الكلام ذاته العلامة الحلي في كتابه «تذكرة الفقهاء»، (2/ 96 – 98). [المصحح] [192] رواه بلفظ قريب، النوري الطبرسي في «مستدرك الوسائل»، [الطبعة الحجرية]، (1/ص127)، وذكره الحرالعاملي في وسائل الشيعة (2/869)، وفي مصادر أهل السنة، في صحيح مسلم: 11- كتاب الجنائز/32- باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، ح (970). [المصحح] [193] من لا يحضره الفقيه للصدوق (1/115)، ذكرى الشيعة (2/37)، وسائل الشيعة (2/885). [المترجم] [194] تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي، (1/461)، ح (148)، ونقله الحر العاملي في «وسائل الشيعة» /باب 44 من أبواب الدفن، ح (3426). [المترجم] [195] المحاسن، لأحمد بن محمد البرقي (ت 274 أو 280هـ)، (ط2، قم، دار الكتب الإسلامية، 1371هـ)، (2/ 612)، ح (33). «من لا يحضره الفقيه» للشيخ الصدوق، (1/189)، ح (579)، ونقله الشيخ الطوسي في «تهذيب الأحكام»، (1/459)، ح (142)، والحر العاملي في «وسائل الشيعة» /باب 43 من أبواب دفن الموتى، ح (6617). [المصحح] [196] المحاسن، (2/612)، ح (32)، «تهذيب الأحكام»، للطوسي، 1/461، ح (150)، وسائل الشيعة /باب 43 من أبواب دفن الموتى، ح (3428)، مختلف الشيعة للحلي (2/315). [المصحح] [197] من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق، (1/178)، ح (532). ونقله الحر العاملي في «وسائل الشيعة»، 65- بَابُ كَرَاهَةِ بِنَاءِ الْـمَسَاجِدِ عِنْدَ الْقُبُورِ، ح (3497)، (3/235). وانظر: منتهى المطلب للحلي (1/468)، وعلل الشرائع (2/358)، ومسند الشيعة (4/435) ومناهج الأحكام لميرزا القمي ص102. وقد روى ما يشبهه: الْعَلامَةُ أبو الفتح الْكَرَاجُكِيُّ (339هـ) فِي «كَنْزِ الْفَوَائِدِ»، (قم، دار الذخائر، 1410هـ، (2/ص 152)، ولفظه: «وقال حدثنا الأشج قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: «قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لا تتخذوا قبري مسجداً ولا تتخذوا قبوركم مساجد ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا عليَّ حيث كنتم فإن صلواتكم تبلغني وتسليمكم يبلغني‏». وذكر نحوه العلامة المجلسي في «بحار الأنوار»، ج 34/ص 332 وج79/ص 55، بلفظ: «عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ الْمَعْرُوفِ بِأَبِي الدُّنْيَا الأشَجِّ الْمُعَمَّرِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ: لا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيداً، وَلا تَتَّخِذُوا قُبُورَكُمْ مَسَاجِدَ، وَلا بُيُوتَكُمْ قُبُوراً، وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي وَتَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي». [المصحح] [198] هكذا قال المؤلف رحمه الله، وهو سهوٌ منه، لأن الذي جاء في كتاب «الذكرى» للشهيد الأول، نقل الحديث عن رسول الله ص، وليس عن الإمام الصادق. وبالمناسبة فإن الشهيد الأول بين أنه إنما نقل هذا الحديث من كتب حديث أهل السنة، حيث قال: «وفي صحاح العامة..» وذكره. [المصحح] [199] «الذكرى»، ص 69، ومنتهى المطلب (1/468)، وذخيرة المعاد للسبزواري (1/343)، وفي مصادر أهل السنة في صحيح مسلم، 11- كتاب الجنائز/32- باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، ح (972). وسنن أبي داود، ح (3231)، وسنن الترمذي (1050)، وسنن النسائي (760)، ومسند أحمد (4/135) كلهم بسندهم عَنْ أَبِى مَرْثَدٍ الْغَنَوِىِّ مرفوعاً. [المصحح] [200] الكافي، بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، (3/228)، ح (2)، من لا يحضره الفقيه للصدوق، (1/178)، ح (531)، بحار الأنوار (79/20). [المصحح] [201] يقصد بالمحقق الثاني: الشيخ علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي، العاملي، المعروف بالمحقق الثاني، وبالمحقق الكركي، وبالشيخ العلائي، مجتهد أصولي إمامي من أعلام فقهاء الشيعة الإمامية في القرن العاشر الهجري، ولد في جبل عامل (بلبنان) ورحل إلى مصر فأخذ عن علمائها، وسافر إلى العراق، ثم استقر في إيران، فأكرمه الشاه "طهماسب" الصفوي وجعل له الكلمة في إدارة ملكه، وكتب إلى جميع بلاده بامتثال ما يأمر به الشيخ، وأن أصل الملك إنما هو له لأنه نائب الإمام الغائب، فكان الشيخ يكتب إلى جميع البلدان بدستور العمل في الخراج وما ينبغي تدبيره في أمور الرعية. توفي في نجف الكوفة سنة 940 هـ وترك عدداً من المؤلفات أشهرها: «جامع المقاصد في شرح القواعد في الفقه» في ست مجلدات، و«صيغ العقود والإيقاعات». [المصحح] [202] انظر: «جامع المقاصد في شرح القواعد»، المحقق الكركي (940 هـ)، (قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1408هـ)، (2/135). [المصحح]