عبادة الأحجار
لما لم تكن آراء وعقائد الشعوب البدائية المتوحشة مبنيةً على براهين وأسس منطقية، ولذا كانوا يدخلون في عقيدتهم كل ما يخطر في أهانم ثم يلتزمون به ردحاً من الزمن حتى يصبح بعد ذلك جزءاً من دينهم وعقيدتهم، وكانت هذه العقيدة تترسخ فيهم إلى درجة أنهم حتى لو شاهدوا ما يخالفها ويدلُّ على بطلانها ما كانوا يستطيعون أن يرجعوا عنها، ومع مرور الزمن كان تكرارهم لأعمالهم وطقوسهم تلك - المبنية على الأوهام - يتَّخذ صفة القداسة.
سبق أن بينا أن الإنسان البدائي كان يعبد الميت ويقدم له الطعام، وكثيراً ما يدفن الميت في بيته ليعبده. ولما كانوا يغطون القبر بحَجرة ويضعون فوقها الأطعمة تحول هذه الحجرة مع الزمن إلى شيء مقدس وأصبح أهل الميت يظنون أن لتلك الحجرة خصوصية ونسوا أن الحجرة إنما تقدس بسبب مجاورتها للميت، فجعلوا التقدس للحجرة ذاتها، ومن هنا نشأت عبادة الأحجار فكانت اللات ومناة حجرين يعبدهما العرب.