الأصل الثاني:
أن الهدف من بعْث الأنبياء والرسل دعوة الناس إلى عبادة الله وحده، فقد جاء الأنبياء ليدعوا الناس إلى عبادة الله وحده، ويُذكِّرهم بإفراد الله بها، لأن البشر رغم إيمانهم بالفطرة أن للعالم خالق، ورغم عبادتهم له، إلا أنهم بسبب من الأسباب كتقليدهم للآباء والأجداد، وغيره من الأسباب ينحرفون عن هذه الفطرة، فيتوهمون أن هناك آلهة أخرى تستحق العبادة مع الله الخالق، فيصنعون لهذه الآلهة تماثيل ويعبدونها، «كُلُّ مَوْلُودٍ یولَدُ إِلا عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ یهَوِّدَانِهِ أو یمَجِّسَانِهِ أو ینَصِّرَانِهِ»[42].
وما بُعث الأنبياء والرسل إلا ليعيدوا الناس إلى فطرتهم الأولى ويدعوهم إلى التوحيد في العبادة وإفراد الله بها.
وأول ما كان يدعو إليه كل نبي قومه، هو قوله: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ﴾ [الأعراف: 59].
قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦﴾ [الذاریات: 56].
﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ﴾[43] [النحل: 36].
﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: 23].
﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗا﴾ [النساء: 36].
﴿أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ﴾ [هود: 26].
﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ٣﴾ [نوح: 3].
في الحقيقة، كل هذه الآيات تدعو إلى حقيقة «لا إله إلا الله» وجوهرها، وإلى تحقق حقيقة عبادة الواحد القيوم، وهذا لا يكون بمجرد الكلام ولقلقة اللسان، بل إن معنى «لا إله إلا الله» إفراد الله بالألوهية والعبادة ونفيها عن سواه، والبراءة من عبادة غير الله. ليس في قلب الدرويش إلا جمال قامته البيت ضيقٌ لا يتسع إلا لواحد[44] إن المسلم العالم بكتاب الله وسنة نبيه وآثار الأئمة الطاهرين عليهم السلام لا يشك في هذا الأصل أبداً.
[42] من لا يحضره الفقيه، (2/ 50)، وسائل الشيعة، (11/ 96)، وبحار الأنوار، (3/ 22، 100 ص65). وصحيح البخاري (2/97)، وصحيح مسلم، (8/ 52). [43] يقول الراغب في «المفردات» [ص308]: «الطاغوت عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله، ولهذا سُمِّي الساحر والكاهن والصارف عن طريق الخير طاغوتاً». ويقول السيوطي في الإتقان [1/294]: «الطاغوت الكاهن بلغة الحبشة». [شريعت] [44] جز الف قامتش در دل درویش نیست خانهی تنگ است دل جای یکی بیش نیست