طريقة محققي الإسلام في تعيين أفضل الأعمال والعبادات، هي الطريقة الإبراهيمية المحمدية
وأفضل الأعمال والعبادات عند المحققين من الموحدين في الإسلام، هي التي تتوفر فيها ثلاثة شروط:
1- أن يكون القصد بالعمل رضى الله.
2- أن تُراعى مقتضيات ومناسبات كل زمن.
3- تعيين العامل واجبه تجاه العمل.
إذا تحقق هذه الشروط، فيكون عمل العامل وعبادته أفضل الأعمال والعبادات، فمثلاً: أفضل الأعمال والعبادات عند هجوم العدو هو الدفاع، حتى ولو أفضى ذلك إلى ترك بعض الواجبات.
وعند قدوم الضيف، القيام بحقوق الضيف وإكرامه أفضل من الأعمال المستحبة.
وأداء حق الزوج والأولاد من حقوق الزوجية والتربية والإنفاق أفضل من بعض العبادات الأخرى.
وأفضل الأعمال في وقت السحر، الاستغفار وقراءة القرآن.
وإذا أتى جاهل إلى العالم يسأله في بيان المعارف ومسائل الحلال والحرام، فإن قيام العالم بتعليم الجاهل في ذلك الوقت أفضل من قيامه ببعض الأعمال الأخرى.
وفي وقت حضور الصلوات الخمس، أفضل الأعمال وأكمل القُربات أداء تلك الصلوات.
وعند ما يأتي إليك محتاجٌ ويطلب منك أن تقضي حاجته المادية أو المعنوية، فإن أفضل الأعمال أن تقوم بذلك.
وأفضل الأعمال عند قراءة القرآن، حضور القلب والذهن والتدبر في آياته.
والأفضل عند الوقوف في عرفة، هو الاجتهاد في التضرع والخشوع في مناجاة رب العالمين، ولا يجوز الصوم في ذلك اليوم.
والأفضل في العشر الأول من ذي الحجة، كثرة التهليل والتكبير والتمجيد.
والأفضل في العشر الأخير من رمضان، الاعتكاف في المسجد.
وعند مرض الأخ المؤمن، أفضل العبادات مساعدته.
وأفضل العبادات عند موت الأخ المؤمن، تشييع جنازته وتعزية أهله.
وعند ثَوَرَان الناس عليك وإساءتهم الكلام بحقك، وإهانتهم لك، فإن أفضل الأعمال الحلم والصبر، وعدم ترك مخالطتهم، لأن مخالطتهم والصبر عليهم أفضل من ترك معاشرتهم والفرار منهم.
فاتضح بما ذكرنا أن أفضل الأعمال في كل وقت، هو ما يلاحظ فيه رضا الله سبحانه وتعالى، ويراعى فيه الأوقات والظروف مع تعيين العامل واجبه من العمل.
والقائلون بهذا التفصيل لتعيين أفضل الأعمال والعبادات، هم محققو الإسلام، وهم أهل التعبد المطلق والتوحيد الخالص، لأنهم يلاحظون رضا الله سبحانه في كل وقت، ويوفقون دائماً لأفضل الأعمال.
أما الأصناف التي سبق ذكرها فهم أهل التعبد المقيد؛ لأن فريقًا منهم عبّاد وقت الزهد، فإنه بمجرد خروجهم عن الزهد يخرجون من أفضل الأعمال. وأما الفريق الذي يرى أن أفضل الأعمال أحمزها (يعني أشقها)، فإنه يكون مقصراً وناقص العمل إذا قام بعمل لا مشقة فيه. والذين يرون أن خدمة الخلق هي أفضل الأعمال، فإنهم يرون أعمالهم ناقصة إذا قاموا بأعمال لا نفع فيها للخلق. فكل هؤلاء يعبدون الله على وجه أو من ناحية واحدة.
أما صاحب العبادة المطلقة، المتبع للطريقة الإبراهيمية المحمدية، فيعبد الله دائماً في جميع أحواله، فهو دائماً مُتنَقِّل من منزل تعبدُّي إلى منزل تعبدي آخر، [ومن عبادة إلى عبادة أخرى]؛ فتراه مع العلماء في مجالسهم، ومع المجاهدين في وقت الجهاد، ومع الذاكرين في وقت الذكر، وتراه عند عيادة المريض من العائدين وعند تشييع الجنازة مع المشيعين. والحاصل أنك تجده حاضراً في كل مشهد من مشاهد العبادة، وفي كل محطة من محطات الطاعة يؤدي واجبه الذي عليه.
فالعبد المطلق لله هو صاحب هذه العبادة، وهو المتبع لشيخ الأنبياء [إبراهيم] ÷، وهو من أمة محمدص، فهو صاحب الفضيلة، وهو الموحد الحقيقي الذي لا تقيده القيود ولا تملكه الرسوم. وهذا الشخص هو المتحقق بحقيقة ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥﴾ [الفاتحة: 4].
وَصَلَّى اللَّـهُ عَلَى سَیدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّیبِینَ الطَّاهِرِینَ.