كلمة الناشر
من المعروف ان السنة النبوية هي كل ما قاله رسول الله ج أو فعله أو أقره، وهي المرجع الثاني عند المسلمين بعد القرآن الكريم في أحكامهم وعباداتهم وعقائدهم، ولكن بعض الصحابة والتابعين قد وقف من السنة النبوية موقفا سلبيا إلى درجة أنهم أحرقوها ومنعوا من كتابتها والتحدث بها. بل نجد ان الحكام الأمويين قد عملوا على وضع الأحاديث المكذوبة التي تؤيد مذهبهم في منع الكتابة لعموم السنة النبوية والأحاديث الشريفة.
فها هو مسلم يخرج في صحيحه، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ج قال: «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج» [۲۴۴] ولكن هذه الأحاديث الموضوعة وأمثالها تدحضها أحاديث اخرى احتج بها الصحابة، كالحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه، وأبو داود في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والدارمي في سننه وغيرهم بان عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله ج، فنهتني قريش وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله وهو بشر يتكلم في الغضب والرضا؟
قال عبد الله: فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله ج فأومأ إلى فيه وقال: «اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا الحق» [۲۴۵].
ونلاحظ من خلال هذا الحديث بأن عبد الله بن عمرو لم يرد التصريح بأسماء الذين نهوه عن الكتابة لأن في نهيهم طعن على رسول الله، كما لا يخفى، فأبهم القول بأنهم قريش، والمقصود بقريش زعماؤها من المهاجرين وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة ومن سار على رأيهم.
وبالرغم من هذا المنع في تدوين السنة النبوية، نجد بأن رجال الشيعة تقدموا على غيرهم في جمع الحديث وتدوينه، ولم يلتزموا بقرارات قريش، بل اقتفوا نهج أمير المؤمنين ÷ في تدوين أحاديث الرسول ج الذي كان له صحيفة جامعة من املاء رسول الله ج، تعتبر أول كتاب جمع فيه العلم على عهد الرسول ج.
أما عدد ما صنفه الشيعة الإمامية في الحديث من طريق أهل البيت † من عهد الإمام أمير المؤمنين ÷ إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري ÷ فانها تزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب على ما ضبطها الشيخ الحر العاملي في آخر الفائدة الرابعة من وسائل الشيعة. وقد ذكرت كتب أهل السنة العشرات من هؤلاء الرجال.
والكتاب الذي بين يديك ـ عزيزي القارئ ـ هو جهد مشكور بذله سماحة العلامة محمد جعفر الطبسي محمد جعفر الطبسي لإحصاء رجال الشيعة في أسانيد أهل السنة، حيث تحدث في ثناياه عن شخصية كل راو ووثاقته، وتشيعه، وأشار إلى طبقته ورواياته وموارد رواياته في الصحاح الستة.
ومؤسسة المعارف الاسلامية إذ تضيف هذا الأثر القيم للمكتبة الاسلامية، تشكر كل من ساهم في إنجاز هذا الكتاب خصوصا الفاضلين فارس حسون كريم ومحمود البدري للجهود المشكورة التي بذلوها في مراجعة واخراج هذا الكتاب، وتبتهل إلى الله تعالى أن يوفق الجميع للاستمرار على خط الولاء لأهل البيت †، وخدمة الدين الحنيف إنه قريب مجيب.
مؤسسة المعارف الاسلامية
[۲۴۴] صحيح مسلم: ۴ / ۲۲۹۸ ح ۷۲. [۲۴۵] مستدرك الحاكم: ۱ / ۱۰۵، سنن أبي داود: ۳ / ۳۱۸ ح ۳۶۴۶، سنن الدارمي: ۱ / ۱۲۵، مسند أحمد: ۲ / ۱۶۲.