دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

18مُقدِّمةٌ لقراءة أخبار المهدي

18مُقدِّمةٌ لقراءة أخبار المهدي

والآن حان الوقت لدراسة وتمحيص الأخبار التي وردت في كتب حديثنا عن المهدي الموعود.

أشهر كتاب جمع كل ما ورد من أحاديث حول أخبار المهدي المُنتظر كتاب «بحار الأنوار» للمجلسـي[122]. وسنقوم باستعراض ودراسة جميع أبواب أخبار المهدي التي وردت فيه، باختصار، ونضع نتيجة التحقيق أمام القُرَّاء كي يحكموا بأنفسهم على قيمة تلك الأخبار والروايات ويُلاحظوا أنها لا تتِّفق مع العقل ولا مع القرآن الكريم، وأن قليلاً من التفكير يُظهر للإنسان عدم صحتها وكذب من لفَّقوها، بل إن الإنسان ليتعجَّب كيف أمكن لمن كانوا يدَّعون العقل والعلم أن يجمعوا مثل تلك الأخبار؟!! فهي أخبار لا يُمكننا أن نجد بينها حتى حديثاً صحيحاً ومقبولاً واحداً! ولا يفوتنا أن نذكر أننا في هذا الكتاب سنرجع في بيان أحوال الرواة إلى أقوال علماء الرجال الشيعة أنفسهم.

ولكن قبل البدء بدراسة تلك الأحاديث من الضروري -منعاً لخداع العلماء للعامة- التذكير ببضعة نقاط حول تلك الأحاديث:

19أولاً: يعلم كلُّ من له علم بالتاريخ أن العباسيين وأنصارهم الذين كانوا ينوون القضاء على الأمويين ليحلُّوا محلَّهم في حكم المسلمين ابتدؤوا بوضع أحاديث المهدي الموعود -مثل أحاديث الرايات السود-، ثم قامت بقية الجماعات السياسية المُنافسة للعباسيين -ومن جملتها فرق الشيعة المختلفة كالإسماعيلية و.....- بوضع أحاديث المهدي الموعود لصالح زعمائهم ونشرها بين الناس تأسِّياً بما فعله العباسيون، كي لا يفقدوا أتباعهم ويُبقونهم مُستعدِّين وجاهزين للثورة معهم! وللأسف فإن المُؤلفين السُّذج من المذاهب الإسلامية تلقَّوا تلك الأخبار بالقبول لتصبح تلك الأحاديث بعد مُدَّة من الزمن جزءاً من اعتقاداتهم المذهبية، ثم قام المُتكلِّمون المُتعصِّبون باختراع أنواع الأدلة المُخترعة لترسيخ هذه العقيدة وتقويتها!!

20ثانياً: إن تأمُّلاً بسيطاً في متون أكثر تلك الأحاديث يكشف لنا أنها لا يُمكن أن تكون صادرةً عن الشارع -الذي يستند إلى علمٍ إلهيٍّ مُطلقٍ لامحدود-، لأنه من الواضح أن قائل تلك الأحاديث لم يكن لديه أيُّ تصور عن التغييرات الكثيرة جداً التي ستطرأ على كيفية حياة البشر بل كان يظنُّ أن مستقبل العالَم وأهله سيكون مُشابهاً لما كان عليه الناس في القرنين الثاني والثالث الهجريين!! كما لاحظنا نماذج لمثل هذه الأحاديث في مقالة «المهدي الموعود وغيبته» في بداية الكتاب الحاضر ص135.

ثالثاً: لا بُدَّ أن ننتبه إلى أن البِشارة بشخص موعود التي جاءت في كتب اليهود والنصارى وآثارهم يُقصد بها -كما قال بعض علماء الإسلام- البِشارة بالرسول الأكرم ص، في حين أن بعض الكُتَّاب المُخادعين يسعون أحياناً إلى القول إن المقصود من البِشارات المذكورة هو الابن الموهوم لحضرة الإمام الحسن العسكري ÷!! ويُمكنكم مُلاحظة نماذج لتلك البِشارات لمجيء النَّبِيّ الأَكْرَم ص في الجزء الأول من الكتاب الشريف «خيانت در گزارش تاريخ» [خيانة في رواية التاريخ][123]، فصل «في انتظار النبيّ الموعود» (ص 33 فما بعد).

[122] ذكر المَجْلِسِيُّ تلك الأخبار في المجلدات 51 و52 و53 من الطبعة الجديدة للبحار اً. (المُتَرْجِمُ) [123] وهو كتاب بالفارسية في ثلاثة أجزاء، ألَّفه العلامة السيد مصطفى الحسيني الطباطبائي، ردَّاً على كتاب «بيست وسه سال» أي «ثلاثةٌ وعشرون عاماً» الذي ألفه المدعو «علي الدشتي» بالفارسية وطعن فيه بنبوَّة النبي الأكرم ص. (المُتَرْجِمُ)