دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

[ الحيلولة دون تكريم جثمان الملك رضاشاه ومنع دفنه في قم ]

[ الحيلولة دون تكريم جثمان الملك رضاشاه ومنع دفنه في قم ]

لم يلبث رضا شاه (الملك الأب المخلوع) أن تُوُفِّيَ في جزيرة موريس... ومن المشهور أنه كان يمشي في تلك الجزيرة ويردِّد الكلمات التي كان يسمعها ليل نهار أثناء حكمه: «صاحب الجلالة.. صاحب العظمة... صاحب الشوكة.. أيام وأي أيام! كان يتذكر أيام سلطنته، ويريد من ذلك أن الحواشي والناس كانوا أشخاصاً عُبَّاداً لأهوائهم ومتملِّقُون يسعون لرضاه لتحقيق مصالحهم ويقولون له يا صاحب الجلالة ويا صاحب القدرة.. فلما تُوُفِّي جاؤوا بجثته، وأمر ابنه بإقامة جنازة عظيمة له وبدفنه في مدينة قم، وطلبوا من كبار العلماء في قم الحضور ليصلوا عليه، وعلى رأسهم آية الله العظمى البروجردي، وكان من المراجع ومن طلاب الرئاسة والزعامة، إضافة إلى أنه كان مُحِبَّاً للملك وحاشيته ونُوَّاب المجلس النيابي، فصلى عليه؛ لأنه كان لا يمتنع عن أي عمل لحفظ رئاسته.

وقد دار في خلدي أن إقامة هذه الجنازة في الناس سيكون سبباً لاستمرار الفساد الديني والسياسي، فأخذت أفكر في عمل يكون مانعاً من تعظيم تلك الجنازة، وكنت آنذاك قد بلغت الخامسة والثلاثين، وأدرّس في حوزة قم، وكانت هناك جماعة من طلاب العلوم الدينية الشباب باسم: (فدائيي الإسلام) قد تعرفوا علي منذ عهد قريب ونشأت بيني وبينهم صداقة، وكانت أعمار معظم المنخرطين في هذه الجماعة تتراوح بين خمس عشرة سنة وخمس وعشرين، وكنت أشبه بالقائد لهم، وأصبح منزلي ملجأً لتجمعهم، وكان بعضهم ممن يدرسون عندي في الحوزة، وقد طرحت عليهم فكرة وضع عوائق أمام نجاح تكريم جثمان البهلوي (الأب)، فقالوا: اكتُبْ بياناً ونحن ننشره.

فكتبت منشوراً هدَّدتُ فيه بأن كل من يصلي على جثمان الشاه أو يشارك في تشييع جنازته يعمل ضد أحكام الشريعة وتعاليم الدين وأننا سنقوم باغتياله.

وقد كان لهذا المنشور أثر طيب في منع كثير من الناس من حضور التشييع، وحتى السيد البروجردي خاف من أن تلحقه بسبب خروجه إهانة أو أذى من أصحاب البيان، فعزموا على أن يعرفوا ناشري المنشور.

في الحقيقة لم يكن أحد يعلم مقرّ الجماعة المسماة: «فدائيو الإسلام»؛ لأنه لم يكن لأفرادها منزل معين في قم بل كانوا متناثرين في أماكن متفرّقة، وكان معظمهم يسكن في طهران، فلم يتوقع أحد أن يكونوا وراء ذلك العمل، كما لم يتوقع أحد أن يكون السيد أبوالفضل البرقعي القمّي هو الذي أعدَّ هذا البيان الحاد و وزَّعه. أضف إلى ذلك أنه عندما اقترب موعد وصول الجنازة كان المسؤولون في غاية الارتباك، مما كان سبباً في عدم ظهور مراسيم الجنازة بالصورة التي كانوا يريدون، وقد أقاموا مجلساً للعزاء في مسجد الإمام في قم. وكان هناك سيد باسم موسى الخوئي ينوي المشاركة بذلك المجلس، فأخذه أصدقاؤنا من جماعة «فدائيي الإسلام» وضربوه ضرباً مبرحاً حتى سال الدم من رأسه، مما جعل الدولة تصرف النظر عن فكرة دفن البهلوي في مدينة قم وتقرر دفنه في طهران، أما ماذا حدث في طهران بعد ذلك؟ لم أعرف لأنني لم أكن حاضراً هناك.