إشكال و الإجابة عنه
قد يقول قائل: هل يُمكننا أن نقول إنَّ جميعَ هذه الأخبار الواردة في هذا الموضوع – رغم كثرتها - موضوعةٌ ومفتراةٌ؟! هنا ألفت انتباهكم إلى نقطة مُهمَّة وهي: أنه حتى لو بلغ عدد أخبار مجهولي الحال وغير الموثوقين الآلاف لما كانت تسوى فلساً واحداً ولَمَا أدّت كثرتها إلى إيجاد الثقة بصدورها، وعلى قول أخينا الفاضل المرحوم قلمداران (رحمه الله): بحجر واحد يُمكن طرد أربعين غراباً! كما أن أهل التحقيق يعلمون أن «رُبَّ مشهور لا أصل له»! وهذه قاعدةٌ متَّفقٌ عليها لدى جميع العلماء.
لقد وجدنا في هذا الزمن بأم أعيننا كيف يخبر آلاف الأشخاص بأخبار ثم يتبيّن فيما بعد أنّها لا أصل لها وأنها من أكاذيب وتلفيق الأذهان الساذجة للعوام، فمثلاً، لقد سمعنا مراراً من أفراد مختلفين أن وجه أحد علماء الدين انطبع على القمر ثم تبيّن بعد مُدّة أن ذلك الخبر كان من أساسه كذبة وضعها السياسيّون. أو مثلاً، وردت أخبار كثيرة عن مجيء الدجال في كتب أهل السنة وكذلك في كتب الشيعة وكلها منسوبة إلى رسول الله ص وربما يزيد عددها على عدة مئات من الأحاديث، في حين أن تلك الأحاديث تتضمن أموراً مستحيلة وغير معقولة، ورغم ذلك فإن علماء فريقي المسلمين يتقبّلونها مع أن وجود دجَّال بمثل تلك الأوصاف أمر غير معقول وكذب يقيناً. وكذلك رغم أنه شائع بين الناس في بلدنا بل يجزم الكثيرون أننا وهّابيون وأعداءٌ لعليّ بين أبي طالب وأننا نتلقّى أموالاً من السعودية، إلا أننا نعلم من أنفسنا أن الحقيقة خلاف ذلك وأن الأمور الثلاثة كلُّها كذب محض، فلا نحن وهابيون، ولسنا أعداء لعليّ، بل نعتبر أنفسنا من أول المُحبين لعليّ عليه السلام، ونُشهد الله على ما نقول بأننا لم نأخذ حتى الآن ديناراً واحداً من السعودية أو من أيّ مصدر آخر، بل لَعَلِّي أكون أفقر شيخ في كل إيران. والظلم الكبير الآخر الذي اقترفوه في حقنا هو الفِرية التي تقول: إننا ومَنْ يُوافقوننا في أفكارنا، في صف «أحمد كسروي» ونُشاطره أفكاره وعقيدته، ويخدعون العوام بهذا الافتراء، سُبحانك هذا بُهتان عظيم. والحال أن أخانا العزيز ومُفسّر القرآن عظيم الشأن جناب المرحوم الحاج «ميرزا يوسف شُعار التبريزي» كتب مقالاً أثبت فيه بُطلان أقوال «كسروي»، ونحن نعتبر أن «كسروي» عالم منحرف لم يكن يعرف قدر القرآن وأنه نسب إلى كتاب الله أموراً غير صحيحة تدلُّ على أنه لم يكن يفهم آيات القرآن فهماً صحيحاً.
34كما وردت أخبار عن «الخضر» في كتب الفريقين وما أكثر الذين ادّعوا أن فلاناً رأى الخضر وسأله، أو أن حضرة أمير المؤمنين علي ÷ روى «دعاء كُميل» عن «الخضر». وكم من مرشدي الصوفية ادّّعوا أنهم رأوا «الخضر» وأنهم أخذوا خرقتهم عنه، وينتسبون إليه!! في حين أن كل هذه الأقوال كذب محض ومخالفة للقرآن الكريم, وكل مسلم مُعتقد بالقرآن لا يمكنه أن يقبل بأخبار «الخضر»، لأن القرآن يقول لخاتَم الأنبياء حضرة محمد المصطفى ص: ﴿وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ ٣٤﴾ [الأنبياء: ٣٤]، وكذلك يقول تعالى: ﴿كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥].
نحن نقول في مثل هذه الموارد ما يقوله علماؤنا عن الأخبار المُتعدِّدة التي جاءت في كتب مختلفة سواءً لمُؤلِّفين من الشيعة أم من السنة، حول «عبد الله بن سبأ»، إذ يقولون: إن كثرة هذه الأخبار لا توجب الثقة بها وقبولها! والعجيب أن العلماء -بغض النظر عن صحة رأيهم أم عدم صحته- لا يقبلون الأخبار المُتعلّقة بـ «عبد الله بن سبأ»، ولكنهم عندما يُواجهون استدلالاتنا، بدلاً من تفنيدها وإقامة الدليل على كلامهم يتشبَّثون بكثرة أخبار المهدي!!